للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ} ١ قد نزلت قبل وفاته عليه الصلاة والسلام بتسع ليال، وبهذا يظهر أن المراد بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية٢، ليس إكمال نزول القرآن أو أن هذه الآية هي آخر ما نزل منه، وقد بين العلماء المراد بإكمال الدين فمن ذلك:

١- ما رواه ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وهو الإسلام قال: أخبر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا وقد أتمه الله عز ذكره، فلا ينقصه أبدا، وقد رضيه فلا يسخطه أبدا٣ وفسر قوله: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} بقوله: كان المشركون والمسلمون يحجون جميعًا فلما نزلت "براءة" فنفي المشركين عن البيت، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} ٤.

٢- أن المراد بإكمال الدين إكمال الحج، والمعنى اليوم أكملت لكم حجكم فأفردتم بالبلد الحرام تحجونه أنتم أيها المؤمنون دون المشركين لا يخالطكم في حجكم مشرك٥.

٣- أن المراد بإكمال الدين إعلاء كلمته وظهوره على الدين كله وفي حجة الوداع ظهرت شوكة هذا الدين وعلت كلمته، فقد كان المشركون يحجون مع المسلمين ويزاحمونهم في المشاعر فأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن لا يحج مشرك فامتثل المشركون أمره وأعلى الله كلمته ولم يجرؤ أحد منهم على مخالفته.


١ سورة البقرة: الآية ٢٨١.
٢ سورة المائدة: الآية ٣.
٣ تفسير الطبري ج٩ ص٥١٨.
٤ المرجع السابق ج٩ ص٥٢١، ٥٢٢.
٥ المرجع السابق ج٩ ص٥١٩.

<<  <   >  >>