للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم من شرف المعلوم.

قال القسطلاني: فإن القرآن ينبوع العلوم ومنشؤها، ومعدن المعارف ومبدؤها، ومبنى قواعد الشرع وأساسه، وأصل كل علم ورأسه، والاستشراف على معانيه لا يتحقق إلا بفهم وصفه ومبانيه، ولا يطمع في حقائقها التي لا منتهى لغرائبها ودقائقها إلا بعد العلم بوجوه قراءته، واختلاف رواياته، ومن ثم صار علم القراءات من أجل العلوم النافعات١.

نشأة علم القراءات:

ليس هناك تاريخ مقطوع به عند العلماء لنزول القراءات، فمن المعلوم أن القرآن الكريم نزل أول ما نزل في غار حراء قبل الهجرة بنحو ثلاث عشرة سنة، أما القراءات نفسها فاختلف العلماء في بدايتها على قولين٢:

الأول:

أنها نزلت في مكة المكرمة.

لأن الآيات منه ما هو مكي ومنها ما هو مدني، وفي المكي ما في المدني من تعدد القراءات. ولا دليل على نزول القراءات المكية في المدينة وانفرادها بالنزول؛ فتبقى على الأصل.

ويدل على ذلك حديث اختلاف عمر مع هشام بن حكيم. رضي الله عنهما. لأنهما اختلفا في قراءة سورة الفرقان، وهي مكية، فدل على أن نزول القراءات كان في مكة أيضًا.

الثاني:

أنها نزلت في المدينة النبوية.

لأن القراءات نزلت للتيسير على الأمة؛ بسبب اختلاف اللهجات، ولم تكن الحاجة إليها قائمة إلا بعد الهجرة؛ لدخول القبائل المجاورة والبعيدة في الإسلام، وغموض بعض الألفاظ التي بغير لهجتهم.

ولأن اختلاف الصحابة -رضي الله عنهم- في القراءات كان في المدينة ولم يثبت شيء من ذلك في مكة.


١ لطائف الإشارات لفنون القراءات: القسطلاني ص٦.
٢ انظر صفحات في علوم القراءات: عبد القيوم السندي ص٢٨، ٣٠.

<<  <   >  >>