للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا.

وذلك أن الصحابة -رضي الله عنهم- عندما كتبوا القرآن في عهد عثمان -رضي الله عنه- تعمدوا كتابته بطريقة تشتمل على جميع القراءات الثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إما صراحة أو احتمالًا، وأي قراءة لا توافق رسم المصحف فإن ذلك يعني أن الصحابة لا يعرفونها وإلا لكانوا قد كتبوها، والقراءة التي لا يعرفها الصحابة ليست بقراءة صحيحة، فمن ذا الذي يدعي معرفة قراءة لا يعرفها الصحابة -رضي الله عنهم-!! ِ

قال ابن الجزري: "ونعني بقولنا بـ"موافقة أحد المصاحف" ما كان ثابتًا في بعضها دون بعض، كقراءة ابن عامر "قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا" في البقرة١ بدون واو، "وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ"٢ بزيادة الباء في الاسمين ونحو ذلك، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي، وكقراءة ابن كثير "جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ"٣ في الموضع الأخير من سورة براءة بزيادة "من"، فإن ذلك ثابت في المصحف المكي..

وقولنا بعد ذلك: "ولو احتمالًا" نعني به ما يوافق الرسم ولو تقديرًا؛ إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقًا وهو الموافقة الصريحة، وقد تكون تقديرًا وهو الموافقة احتمالًا، فإنه قد خولف صريح الرسم في مواضع إجماعًا؛ نحو "السموات والصلحات، واليل، والصلوة، والزكوة، والربوا".. وقد توافق بعض القراءات الرسم تحقيقًا ويوافقه بعضها تقديرًا نحو "مَلِكِ يَومِ الدّيِنِ" فإنه كتب بغير ألف في جميع المصاحف. فقراءة الحذف تحتمله تحقيقًا وقراءة الألف محتملة تقديرًا.


١ سورة البقرة: الآية ١١٦.
٢ سورة آل عمران: الآية ١٨٤.
٣ سورة التوبة: الآية ١٠٠.

<<  <   >  >>