للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها يعرف عباده، من نصب الأدلة وغيرها"١.

وهذا التأويل هو الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف، فإذا قال أحدهم هذا الحديث، أو هذا النص مؤول، أو هو محمول على كذا، قال الآخر هذا نوع تأويل، والتأويل يحتاج إلى دليل ... وهو أيضًا التأويل الذي يتنازعون فيه في مسائل الصفات إذا صنف بعضهم في إبطال التأويل، أو ذم التأويل أو قال بعضهم: آيات الصفات لا تؤول، وقال الآخر: بل يجب تأويلها، وقال الثالث: بل التأويل جائز.. إلخ"٢.

وبهذا يظهر بطلان القول الثالث وانحرافه وأنه ليس من أقوال السلف.

وأما القولان الأول والثاني:

فإن الأول: هو معنى التأويل عند الصحابة والتابعين.

والثاني: هو معنى التأويل في القرآن نفسه.

فمن قال: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويله فقد أخذ بالقول الأول وهو أن معنى التأويل التفسير.

ومن قال: إن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله فقد أخذ بالقول الثاني وهو أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام وهذا لا يعلمه إلا الله.

ولا تعارض بين هذين القولين ولا اختلاف فالجميع يسلم بأن الراسخين في العلم يعلمون تأويله بمعنى تفسيره، ومن زعم أنهم لا يعلمون تأويله بمعنى تفسيره نازعه فيه عامة الصحابة والتابعين الذين فسروا القرآن كله وقالوا بأنهم يعلمون معناه٣، والراسخون في العلم لا يعلمون تأويله بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، وبهذا يظهر التوافق والتطابق والتكامل بين القولين.


١ درء تعارض العقل والنقل: ابن تيمية ج٥ ص٣٨٢، ٣٨٣.
٢ مجموع فتاوى ابن تيمية ج١٣ ص٢٨٨، باختصار.
٣ درء تعارض العقل والنقل: ابن تيمية ج١ ص٢٠٨.

<<  <   >  >>