للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تقصر في حالة الأمن، وهذا ما فهمه يعلى وفهمه عمر -رضي الله عنه- قبله.

خامسًا: ومن الأدلة العقلية١.

أنه لو كانت الصلاة تقصر في حالة الأمن وحالة الخوف لما كان في ذكر الخوف في الآية فائدة لأنها تقصر بدونه، فدل ذكره على أن عدمه يؤثر في الحكم تأثيرًا مخالفًا، وهكذا في بقية الأمثلة.

واستدل الحنفية ومن وافقهم على عدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة بأدلة منها٢:

١- أن فوائد القيود التي يقيد بها اللفظ كثيرة، ولا يلزم أن تكون محصورة بتقييد الحكم، فلا نستطيع أن نحكم أن الفائدة لذلك القيد هي تخصيص الحكم بالمنطوق، ونفيه عما لا قيد فيه.

٢- لم يعمل بمفهوم المخالفة في كثيرة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إذ لو عمل به لأدت هذه النصوص إلى معانٍ فاسدة، أو أحكام تنافي المقرر شرعًا.

فقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} ٣. لم يكن تخصيص الأربعة بالحرم دليلًا على إباحة الظلم في غيرها من الأشهر.

٣- لو كان مفهوم المخالفة معتبرًا لما احتيج إلى النص عليه صراحة كما في قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} ٤. وقوله سبحانه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ


١ انظر تفسير النصوص: د. محمد أديب صالح ج١ ص٦٧١، ٦٧٢.
٢ أصول الفقه الإسلامي: وهبة الزحيلي ج١ ص٣٦٨.
٣ سورة التوبة: الآية ٣٦.
٤ سورة البقرة: الآية ٢٢٢.

<<  <   >  >>