للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما همزة الوصل فموضع زيادتها الفعل، وقد زيدت في أسماء معلومة، وحرف واحد.

فأما الفعل فيقع منه في موضعين، أحدهما الماضي إذا تجاوزت عدته أربعة أحرف وأولها الهمزة، فهي همزة وصل، وذلك نحو اقتدر، وانطلق، واستخرج، واحمر واصفار.

والموضع الآخر: مثال الأمر من كل فعل انفتح فيه حرف المضارعة١، وسكن ما بعده وذلك نحو: يضرب ويقتل وينطلق ويقتدر. فإذا أمرت قلت: اضرب، انطلق، اقتدر.

فإن قلت: فقد نراهم يقولون: يأخذ ويأكل ويأمر، فيفتح حرف المضارعة، ويسكن ما بعده، وإذا أمروا قالوا: خذ وكل ومر، بلا همزة وصل.

فالقول في هذا: أن أصله "أوخذ" و"أوكل" و"أومر"، فلما اجتمعت همزتان، وكثر استعمال الكلمة، حذفت الهمزة الأصلية، فزال الساكن، فاستغني عن الهمزة الزائدة، وقد أخرجن عن الأصل: "أوخذ"، و"أوكل"، و"أومر".

واعلم أن هذه الهمزة إنما جيء بها توصلا إلى النطق بالساكن بعدها، لما لم يمكن الابتداء به، وكان حكمها أن تكون ساكنة، لأنها حرف جاء لمعنى، ولا حظ له في الإعراب، وهي في أول الحرف كالهاء التي لبيان الحركة نحو الألف في آخر الحرف، في وازيداه وواعمراه وواأمير المؤمنيناه، فكما أن تلك ساكنة فكذلك كان ينبغي في الألف٢ أن تكون ساكنة.

وكذلك أيضا نون التثنية، ونون الجمع، والتنوين هؤلاء كلهن سواكن، فلما اجتمع ساكنان، هي والحرف الساكن بعدها كسرت لالتقائهما، فقلت: اضرب، اذهب، ولم يجز أن يتحرك ما بعدها لأجلها، من قبل أنك لو فعلت ذلك لبقيت هي أيضا في أول الكلمة ساكنة، فكان يحتاج لسكونها إلى حرف قبلها محرك، يقع الابتداء به، فلذلك حركت هي دون ما بعدها.


١ حروف المضارعة أربعة تجمعها كلمة "أنيت".
٢ المراد بالألف هنا هو همزة الوصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>