للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا قال سيبويه "وقد يكون في الأمر والنهي أن يبنى الفعل على الاسم؛ وذلك قولك: "عبد الله اضربه"، ابتدأت عبد الله؛ فعرفته بالابتداء، ونبهت المخاطب له لتعرفه باسمه، ثم بنيت الفعل عليه، كما فعلت ذلك في الخبر".

فهذا نص من سيبويه يجواز كون خبر المبتدأ أمرًا ونهيًا، وعلى هذا يجوز: "زيد لا يقم أخوه". وقرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد، وسمعت أبا علي ينشده أيضًا غير مرة:

ألا يا أم فارع لا تلومي ... على شيء رفعت به سماعي١

وكوني بالمكارم ذكريني ... ودلي دل ماجدة صناع٢

أي: وكوني بالمكارم مذكرة.

وغير منكر أن يقع لفظ الأمر موقع الخبر؛ ألا ترى إلى قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: ٢٥] ٣ أي: فليمدن له.

وعلى هذا قول الآخر٤:

بئس مقام الشيخ أمرس أمرس ... إما على قعو وإما اقعنسس٥

أي: مقام يقال له فيه: أمرس أمرس.


١ يطلب الشاعر من أم فارع أو "فارع" ألا تلومه على شيء، وقوله يا أم فارع أسلوب نداء غرضه الالتماس، والبيت لم نعثر على قائله.
كوني: أسلوب أمر غرضه التمني؛ فهو يتمنى أن تذكر له مكارمه.
وكذا أسلوب الأمر "دلي"، والبيت أسلوبه إنشائي في جملته يحمل غرض النصح والإرشاد والفخر بمكارمه وأمجاده. والبيت كسابقه لم نقف على قائله.
٣ الضلالة: الضلال، أو سلوك طريق لا يوصل إلى المطلوب.
فليمدد له الرحمن مدًا: أي فليمل له فيها إملاء. مختصر تفسير الطبري "ص٢٧٠".
٤ الآخر: ذكر البيت صاحب اللسان في مادة "مرس" دون أن ينسبه "٦/ ٢١٦".
وانظر/ مجالس ثعلب "ص٢١٣".
٥ اقعنسس: أي تأخر واجذب الدلو. القاموس المحيط "٢/ ٢١٦".
أمرس: أعد الخيل إلى موضعه من البكرة.
والمرس: الحبل. القاموس "٢/ ٢٥١".
القعو: البكرة. القاموس المحيط "٤/ ٣٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>