للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الفراء هذه اللغة، وأنه سمعها من بعض بني سليم، وحكى أن العرب جميعًا تضم هذه الميم نحو {هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة: ١٢] ١ و {هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: ١١١] ٢.

وحكى اللحياني٣ "مُذِ اليومِ" و"مُذِ الليلةِ" بكسر الذال.

فالجواب: أن هذه اللغة، أعني "هُمِ القضاة" و"منهُمِ الحجاب" من القلة ومخالفة الجمهور على ما حكيناه عن الفراء، وما كانت هذه صفته وجب أن يلغى ويطرح ولا يقاس عليه غيره. وأما حكاية اللحياني فكذلك أيضًا، وتكون كغيرها مما دفعه أصحابنا وعجبوا منه.

ووجه جواز ذلك -عندي- على ضعفه أنه شبه ميم "هم" وذال "مذ" بدال "قد" ولام "هل"، فكسرهما حين احتاج إلى حركتها كما يكسرهما ونحوهما إذا احتاج إلى ذلك نحو "قد انقطع" و"هل انطلق زيد"، وإن كان الذي قال: "هذه دعد" فسكن الميم هو الذي قال: "مذ اليوم" و"هم القضاة" فغير منكر أن تكون كسرة الهاء من "هذه ابنتك" و"هذه امرأتك" و"ضربت هذه المرأة" على لغته لالتقاء الساكنين، فليس ذلك بأشد من "هم القضاة" و"مذ اليوم" فاعرف ذلك.

ومن إبدال الهاء من الياء قولهم في تصغير "هنة": "هنية" وأصلها الأول "هنيوة" لأن لام الفعل في تصريف هذه الكلمة واو لقولهم:

..................................... ... على هنوات شأنها متتابع

وإبدالهم أيضًا التاء في "هنت" من الواو دون الياء، وقد تقدمت الدلالة على ذلك، فلما اجتمع في "هنيوة" الياء والواو، وسبقت الأولى بالسكون قبلت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، فصار "هنية"، وهو الدائر المستعمل في أيدي الناس.


١ "هم المفسدون": الشاهد فيه ضم ميم "هم".
٢ إعرابها: هم: ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ.
المفسدون: خبر.
٢ "هم الفائزون": الشاهد فيه ضم ميم "هم".
٣ ذكر قول اللحياني كذلك في شرح المفصل "٣/ ١٣٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>