للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن حذاق أصحابنا وذوي القياس القوي منهم يذهبون إلى أن الألف في "كتاب" و"غزال" و"غراب" إذا حقرتَ الاسم فقلت: "كُتَيِّب" و"غُزَيِّل" و"غُرَيِّب" فإنك لم تبد ألف "كتاب" و"غزال" و"غراب" في أول أحوالها لياء التحقير ياء، وإنما المذهب عندهم أنك قلبت الألف واوًا، فصار التقدير "كُتَيْوِبٌ" و"غُزَيْوِلٌ" و"غُرَيْوِبٌ" فلما اجتمعت الياء والواو، وسبقت الياء بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت ياء التحقير فيها، فقلت: "كتيب" و"غزيل" و"غريب" فالياء إذن في "غزيل" إنما هي بدل من واوٍ بدلٍ من ألف المد، وكذلك ما أشبه ذلك.

فإن قيل: ما الذي دعاهم إلى اعتقاد هذا الرأي؟ وهلا ذهبوا إلى أن الألف لما وقعت قبلها ياء التحقير قلبت في أول أحوالها ياء كما تقلب للكسرة تقع قبلها ياء، وذلك نحو "مِفْتاح" و"مَفاتِيح" و"دَينار" و"دَنانِير" و"قِرْطاس" و"قَراطِيس" و"حِمْلاق"١ و"حَمالِيق"؟

فالجواب: أنهم إنما حملهم على القول بما قدمناه أنهم رأوا الألف أكثر انقلابها إنما هو إلى الواو نحو "ضارب" و"ضوارب" و"ضويرب" فكما جاز أن تقلب في "ضوارب" ولا ضمة قبلها، وفي نحو: "رحوي" و"عصوي" و"فتوي" و"مغزوي" و"مهلوي" و"مدعوي" وفي قول يونس٢ في "مثنوي" و"معلوي" وأبدلت أيضًا من الألف المتحركة، وهي الهمزة في نحو "صفراوان، وحمراوان، وخبراوات، وخبراوي، وخنفساوي" وغير ذلك مما يطول ذكره، كذلك حكموا أيضًا بأنها في نحو "غزال" و"غراب" إنما قلبت في أول أحوالها واوًا، فصارت "غزيول" و"غريوب" ثم أبدلت الواو ياء على ما قدمناه.

فهذا هو القول الذي لا معدل عنه.

فأما "مُفَيْتِيحٌ" و"مَفَاتِيح" و"دُنَيْنِيرٌ" و"دَنَانِير" فلم يمكن قلب ألفها واوًا لأن الكسرة تمنع من ذلك، وليست قبل الياء الثانية في نحو "كُتَيِّب" و"حُسَيِّب" كسرة تمنع وقوع الواو بعدها، إنما قبلها ياء ساكنة، والياء الساكنة قد رأينا الواو المفردة


١ حملاق العين: باطن أجفانها الذي يسوده الكحل. لسان العرب "١٠/ ٦٩".
٢ الكتاب "٢/ ٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>