للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد زالت من قبلها، وأجرى غير اللازم مجرى اللازم وقد كان سبيله إذا أجراها مجرى الياء اللازمة أن يقول "دِيان" إلا أنه كره تضعيف الياء كما كره الأول تكرير الواو.

قال الشاعر١:

عَداني أن أزورَكِ أُم عمرو ... دَياوينٌ تُشَقَّقُ بالمِداد٢

واعلم أن الواو متى وقعت قبلها الياء ساكنة قلبت الواو ياء وكذلك إن وقعت الواو ساكنة قبل الياء، فالأول نحو "سَيد" و"مَيت" والثاني نحو "لَية" و"طَية". وقد ذكرنا هذا كله مستقصى في حرف الواو، وذكرنا هناك "َضْيَون" و"رَجاء بن حَيْوة".

فأما قولهم في "فُعِلَ" من "فاعَلتُ" و"فَيعَلْتُ" و"فَوْعَلتُ" من "سِرْتُ" و"بِعْت": "سُوْيِرَ" و"بُوْيِع" فلم تقلب فيه الواو ياء لأن الواو ليست بلازمة في "فَاعلتُ"، وأجروا "فَيعلْتُ" و"فَوعَلْتُ" مجرى "فاعلتُ"، ولو أدغموا فقالوا "بُيِّعَ" و"سُيِّرَ" التبس أيضًا بـ "فُعِّل".

وقد أبدلت الياء من الواو إذا كانت لام "فُعلَى" وذلك نحو "العُليا" و"الدنيا" و"القُصيا"، وقالوا "القُصوى" فأخرجوها على أصلها، فأما "حُزْوَى"٣ فعلم، ولا ينكر في الأعلام كثير من التغيير نحو "حَيْوة" و"مَزْيَد" و"مَحْبَب"، وقد ذكرنا هذا قديما في هذا الكتاب. ونظير القُصوى في الشذوذ قولهم: خذ الحُلوَى وأعطه المُرَّى.

واعلم أنهم قد أبدلوا الياء من الواو إذا وقعت الكسرة قبل الواو وإن تراخت عنها بحرف ساكن، لأن الساكن لضعفه ليس حاجزا حصينا، فلم يعتد فاصلا، فصارت الكسرة كأنها قد باشرت الواو، ولا يقاس ذلك، وذلك قولهم "صبية" و"صبيان"


١ انظر/ الخصائص، والمنصف "٢/ ٣٢".
٢ ذكره صاحب اللسان دون أن ينسبه. مادة "دون" "١٣/ ١٦٦" ولكن بدل "تشقق"، "تنفق" والشاعر يعتذر عن عدم زيارة أم عمرو لما يشغله من كتابة الدواوين.
الشاهد فيه "دياوين" حيث قلبت الواو ياء وأصله "دواوين".
٣ حزوى: اسم مكان. لسان العرب "١٤/ ١٧٦" مادة/ حزا.

<<  <  ج: ص:  >  >>