للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الدلالة على كون الياء في "شيراز" بدلا من الواو في "شِوْراز" وأن الياء فيه ليست بمنزلة ياء "دِيماس" فظهورها في الجمع إذ قالوا "شواريز"، فأما ما شبّه السائل بذكره، وطلب التلبيس به في سؤاله من أنه لا يعرف واوًا زائدة مفردة استؤنفت في أول أحوالها بعد كسرة، فلا معتبر بقوله من قِبَل أنه إذا قامت الدلالة على صحة قضية لم يلزم إيراد النظير لها وإن كان في النظير بعض الأنس، ألا ترى أن "كُدْتُ أكاد" لا نظير له، وقد دلت الدلالة على كونه "فَعُلَ يفعَلُ". وكذلك قولهم: ماء سُخاخينٌ١: فُعاعِيل وإن لم نجد له نظيرا في الكلام.

وكذلك إنْقَحْلٌ: إنْفَعْلٌ عند سيبويه٢ وإن لم يكن له نظير عنده، وهذا واسع. فكذلك قولهم إن الواو في "شيراز" زائدة وإن لم نجد لها نظيرا استؤنفت هكذا.

ويؤكد ذلك عندك قول بعضهم "شَراريز" فهذه دلالة قاطعة على زيادة الواو في "شواريز"، وجرت "شراريز" مجرى "صنانير"٣ و"خنانيب"٤ كما دلت الألف في "شُرابث"٥ و"جُرافس"٦ على زيادة النون في "شَرَنْبَث" و"جَرَنْفَس"، ومع هذا فقد أجمعوا على أن "عَباديد" و"شَعاليل" يجوز أن يكون واحدها "فُعلولا" كأنه "عُبدود" و"شُعلول" وإن لم تنطق العرب بواحد ذلك، وإن كان ذلك كذلك فالياء في "عباديد"٧ و"شعاليل"٨ جائز أن تكون منقلبة عن واو "فُعلول" فكأنه قبل القلب "شَعالِوْل" و"عَبَادِوْد" فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فصارت "عباديد" و"شعاليل"؛ أفلا ترى أن الياء في "عباديد" و"شعاليل" منقلبة عن واو زائدة منفردة مستأنفة مكسور ما قبلها، فأما الواحد منها فلا اعتداد به لأنه أصل مرفوض لا يُنطَق به، فجرى لذلك مجرى ما ليس مقدرا،


١ ماء سخاخين: ساخن. اللسان "١٣/ ٢٠٥" مادة/ سخن.
٢ الكتاب "٢/ ٣١٧".
٣ صنانير: السيئو الأدب وإن كانوا ذوي نباهة، ومفرده صنارة. اللسان "٤/ ٤٦٨".
٤ خنانيب: جمع الخناب وهو الضخم الطويل من الرجال. اللسان "١/ ٣٦٦".
٥ شرابث: القبيح الشديد، الغليظ الكفين والرجلين. اللسان "٢/ ١٦٠".
٦ جرافس: الفخم الشديد من الرجال ومثله الجرنفس. اللسان "٦/ ٣٧" مادة/ جرفس.
٧ عباديد: الفرق المتفرقة من الناس وغيرهم. اللسان "٣/ ٢٧٦" مادة/ عبد.
٨ شعاليل: الفرق، مثل شعارير إذا تفرقوا. اللسان "١١/ ٣٥٥" مادة/ شعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>