للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ١". وَلا خِلافَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إنْطَاقِ الْحَجَرِ الأَصَمِّ بِلا أَدَوَاتٍ. قُلْت أَنَا٢: الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لا يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْتَاجُ كَحَاجَتِنَا قِيَاسًا لَهُ عَلَيْنَا، فَإِنَّهُ عَيْنُ التَّشْبِيهِ، وَهُمْ لا يَقُولُونَ ذَلِكَ ٣بَلْ يَفِرُّونَ٣ مِنْهُ.

وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الشَّيْخَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلِهِمْ لَهُ٤. ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُمْ: "إنَّ التَّعَاقُبَ يَدْخُلُ فِي الْحُرُوفِ"؟.

قُلْنَا: إنَّمَا كَانَ٥ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يَنْطِقُ بِالْمَخَارِجِ وَالأَدَوَاتِ، وَلا يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ: إنَّمَا يَتَعَيَّنُ التَّعَاقُبُ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ بِأَدَاةٍ يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ شَيْءٍ إلاَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُ بِلا جَارِحَةٍ فَلا يَتَعَيَّنُ فِي كَلامِهِ التَّعَاقُبُ، وَقَدْ اتَّفَقَ٦ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ٧ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتَوَلَّى الْحِسَابَ بَيْنَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَعِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَنَّ الْمُخَاطَبَ فِي الْحَالِ هُوَ وَحْدَهُ. وَهَذَا خِلافُ التَّعَاقُبِ. اهـ كَلامُ أَبِي نَصْرٍ.


١ رواه البخاري والترمذي والدارمي عن عبد الله بن مسعود. وأوله في البخاري: "كنا نعدّ الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً...."
"انظر: فتح الباري ٦/ ٣٨٣، تحفة الأحوذي ١٠/ ١١٠، سنن الدارمي ١/ ١٤".
٢ في ش: أخبرنا.
٣ في ز ع ب ض: ويفرون.
٤ ساقطة من ض.
٥ ساقطة من ض.
٦ في ع ض: اتفقت.
٧ في ع ض: أن الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>