للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٥- فصل: أفضل الأمور أوساطها.

١٩٢- تأملت في شهوات الدنيا، فرأيتها مصايد هلاك، وفخوخ تلف، فن قوى عقله على طبعه وحكم عليه، يسلم، ومن غلب طبعه، فيا سرعة هلكته!

١٩٣- ولقد رأيت بعض أبناء الدنيا كان يتوفق إلى التسري، ثم يستعمل الحرارات المهيجة للباه١، فما لبث أن انحلت حرارته الغريزية وتلف.

١٩٤- ولم أر في شهوات النفس أسرع هلاكًا من هذه الشهوة، فإنه كلما مال الإنسان إلى شخص مستحسن، أوجب ذلك حركة الباه زائدًا عن العادة، وإذا رأى أحسن منه، زادت الحركة، وكثر خروج المني زائدًا عن الأول، فيفنى جوهر الحياة أسرع شيء.

وبالضد من هذا أن تكون المرأة مستقبحة، فلا يوجب نكاحها خروج الفضلة المؤذية كما ينبغي، فيقع التأذي بالاحتباس، وقوة التوق إلى منكوح.

١٩٥- وكذلك المفرط في الأكل، فإنه يجني على نفسه كثيرًا من الجنايات، والمقصر في مقدار القوت كذلك. فعلمت أن أفضل الأمور أوساطها.

١٩٦- والدنيا مفازة، فينبغي أن يكون السائق٢ فيها العقل، فمن سلم زمام راحلته إلى طبعه وهواه، فيا عجلة تلفه!

هذا فيما يتعلق بالبدن والدنيا، فقس عليه أمر الآخرة، فافهم.


١ الأدوية المقوية للجماع.
٢ في الأصل: السابق. وهو تصحيف.

<<  <   >  >>