للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦٦- فصل: لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا

٣٤١- دعوت يومًا فقلت: اللهم! بلغني آمالي من العلم والعمل، وأطل عمري لأبلغ ما أحب من ذلك. فعارضني وسواس من إبليس، فقال: ثم ماذا؟ أليس الموت؟ فما الذي ينفع طول الحياة؟! فقلت له: يا أبله! لو فهمت ما تحت سؤالي، علمت أنه ليس بعبث. أليس في كل يوم يزيد علمي ومعرفتي، فتكثر ثمار غرسي، فأشكر يوم حصادي١؟! أفيسرني أنني مت منذ عشرين سنة؟! لا والله؛ لأني ما كنت أعرف الله تعالى عشر معرفتي به اليوم. وكل ذلك ثمرة الحياة، التي فيها اجتنيت أدلة الوحدانية، وارتقيت عن حضيض٢ التقليد إلى يفاع٣ البصيرة، واطلعت على علوم زاد بها قدري، وتجوهرت بها نفسي، ثم زاد غرسي لآخرتي، وقويت تجارتي في إنقاذ المباضعين٤ من المتعلمين. وقد قال الله لسيد المرسلين: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا"٥. وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من السعادة أن يطول عمر العبد، ويرزقه الله عز وجل الإنابة"٦.

فيا ليتني قدرت على عمر نوح، فإن العلم كثير، وكلما حصل منه حاصل، رفع ونفع.


١ في حاشية الأصل: في الهندية: فأستكثر بذري يوم حصادي.
٢ الحضيض: الأرض المنخفضة.
٣ اليفاع: ما ارتفع عن الأرض.
٤ المباضعين: الذين يضاربون بأوالهم.
٥ مسلم "٢٠٦٥".
٦ رواه أحمد "٣/ ٣٣٢"، والحاكم "٤/ ٢٤٠" وصححه ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع "١٠/ ٢٠٦": إسناده حسن.

<<  <   >  >>