للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١٢- فصل: آفة الصداقة الحسد.

٥٣٢- من أعظم الغلط: الثقة بالناس، والاسترسال إلى الأصدقاء، فإن أشد الأعداء وأكثرهم أذى الصديق المنقلب عدوًا؛ لأنه قد اطلع على خفي السر، قال الشاعر١:

احذر عدوك مرةً ... واحذر صديقك ألف مرهْ

فلربما انقلب الصديْـ ... ـق فكان أعلم بالمضرهْ

٥٣٣- واعلم أن من الأمر الموضوع في النفوس الحسد على النعم، أو الغبطة٢، وحب الرفعة! فإذا رآك من يعتقدك مثلًا له، وقد ارتقيت عليه، فلا بد أن يتأثر، وربما حسد؛ فإن إخوة يوسف عليهم السلام من هذا الجنس، جرى لهم ما شأنهم.

فإن قلت: كيف يبقى الإنسان بلا صديق؟!

قلت لك: أتراك ما تعلم أن المجانس يحسد، وأن أكثر العوام يعتقدون في العالم أنه لا يتبسم، ولا يتناول من شهوات الدنيا شيئًا؛ فإذا رأوا بعض انبساطه في المباح، هبط من أعينهم؟! فإذا كانت هذه حالة العوام، وتلك حالة الخواص، فمع من تكون المعاشرة؟!

لا، بل والله ما تصح المعاشرة مع النفس؛ لأنها متلونة.


١ هو، علي بن عيسى انظر محاضرات الراغب "٣/ ٣٤".
٢ الغبطة: أن تتمنى لنفسك مثل ما لأخيك من نعمة دون أن تتمنى زوالها عنه.

<<  <   >  >>