للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٣٣- فصل: الحذر من المعاصي

٦٣٤- الحذر الحذر من المعاصي؛ فإن عواقبها سيئة. وكم من معصية لا يزال صاحبها في هبوط أبدًا، مع تعثير أقدامه، وشدة فقره، وحسراته على ما يفوته من الدنيا، وا حسرة لمن نالها، فلو قارب زمان جزائه على قبيحه لذي ارتكبه، كان اعتراضه على القدر في فوات أغراضه يعيد العذاب جديدًا!

٦٣٥- فوا أسفا لمعاقب لا يحس بعقوبته! وآهٍ من عقاب يتأخر حتى ينسى سببه. أو ليس ابن سيرين يقول: عيرت رجلًا بالفقر، فافتقرت بعد أربعين سنة؟! وابن الجلاء يقول: نظرت إلى شاب مستحسن، فنسيت القرآن بعد أربعين سنةً.

فوا حسرة لمعاقب لا يدري أن أعظم العقوبة عدم الإحساب بها!

٦٣٦- فالله الله في تجويد التوبة، عساها تكف كف الجزاء.

والحذر الحذر من الذنوب، خصوصًا ذنوب الخلوات، فإن المبارزة لله تعالى تسقط العبد من عينه. وأصلح ما بينك وبينه في السر، وقد أصلح لك أحوال العلانية، ولا تغتر بستره -أيها العاصي- فربما يجذب من عورتك١، ولا بحلمه فربما بغت٢ العقاب.

٦٣٧- وعليك بالقلق واللجإ إليه والتضرع؛ فإن نفع شيء، فذلك، وتقوت بالحزن، وتمرز٣ كأس الدمع، واحفر بمعول الأسى قليب قلب٤ الهوى، لعلك تنبط٥ من الماء ما يغسل جرم٦ جرمك٧.


١ يكشفها.
٢ بغت: فاجأ.
٣ تمزز: مصّ.
٤ القليب: البئر.
٥ تنبط الماء: تستخرج الماء.
٦ جِرم: جسم.
٧ جُرمك: إثمك وذنبك.

<<  <   >  >>