للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨٦١- فصل: في حفظ السرّ.

٨٦١- رأيت أكثر الناس لا يتمالكون من إفشاء سرهم، فإذا ظهر، عاتبوا من أخبروا به. فوا عجبًا! كيف ضاقوا بحبسه ذرعًا، ثم لاموا من أفشاه؟!

وفي الحديث: "استعينوا على قضاء أموركم بالكتمان"١.

٨٦٢- ولعمري، إن النفس يصعب عليها كتم الشيء، وترى بإفشائه راحة، خصوصًا إذا كان مرضًا أو همًّا أو عشقًا، وهذه الأشياء في إفشائها قريبة٢؛ إنما اللازم كتمانه احتيال المحتال فيما يريد أن يحصل به غرضًا، فإن من سوء التدبير إفشاء ذلك قبل تمامه، فإنه إذا ظهر، بطل ما يراد أن يفعل، ولا عذر لمن أفشى هذا النوع. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا، ورى بغيره٣.

٨٦٣- فإن قال قائل: إنما أحدث [من أثق به] . قيل له: وكل حديث جاوز الاثنين شائع، وربما لم يكتم صديقك، وكم قد سمعنا من يحدث عن الملوك بالقبض على صاحب٤، فنم٥ الحديث إلى الصاحب، وهرب، ففات السلطان مراده! وإنما الرجل الحازم الذي لا يتعداه سره، ولا يفشيه إلى أحد.


١ رواه ابن حبان في روضة العقلاء ص "١٨٧"، والسهمي في تاريخ جرجان ص "١٨٢" عن أبي هريرة.
٢ في الأصل: قرينة، وهو تصحيف.
٣ رواه البخاري "٤٤١٨"، ومسلم "٢٧٦٩"، عن كعب بن مالك، "وارى" أراد شيئًا وأظهر غيره.
٤ صاحب: وزير.
٥ نم الحديث: أشاعه ابتغاء المضرة.

<<  <   >  >>