للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٦- فصل: حظوظ الفضلاء من الدنيا

٤٥- تأملت أحوال الفضلاء، فوجدتهم في الأغلب قد بخسوا من حظوظ الدنيا، ورأيت الدنيا غالبًا في أيدي أهل النقائص.

٤٦- فنظرت في الفضلاء، فإذا هم يتأسفون على ما فاتهم مما ناله أولو النقص، وربما تقطع بعضهم أسفًا على ذلك، فخاطبت بعض المتأسفين، فقلت له: ويحك! تدبر أمرك، فإنك غالط من وجوه:

أحدها: أنه إن كانت لك همة في طلب الدنيا، فاجتهد في طلبها، تربح التأسف على فوتها، فإن قعودك متأسفًا على ما ناله غيرك -مع قصور اجتهادك- غاية العجز.

والثاني: أن الدنيا إنما تراد لتعبر لا لتعمر، وهذا هو الذي يدلك عليه علمك، ويبلغه فهمك، وما يناله أهل النقص من فضولها١ يؤذي أبدانهم وأديانهم، فإذا عرفت ذلك، ثم تأسفت على فقد ما فقده أصلح لك، كان تأسفك عقوبة لتأسفك


١ فضول الدنيا: حظوظها ونعيمها.

<<  <   >  >>