للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢١٩- فصل: مسند الإمام أحمد فيه الصحيح وغيره

١٠٠٤- كان قد سألني بعض أصحاب الحديث: هل في مسند أحمد ما ليس بصحيح؟ فقلت: نعم.

فعظم ذلك على جماعة ينسبون إلى المذهب! فحملت أمرهم على أنهم عوام، وأهملت فكر ذلك. وإذا بهم قد كتبوا فتاوى، فكتب فيها جماعة من أهل خراسان، -منهم أبو العلاء الهمذاني١- يعظمون هذا القول، ويردونه، ويقبحون قول من قاله! فبقيت دهشًا متعجبًا، وقلت في نفسي: وا عجبًا! صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضًا! وما ذاك إلا أنهم سمعوا الحديث، ولم يبحثوا عن صحيحه وسقيمه، وظنوا أن من قال ما قلته تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد، وليس كذلك! فإن الإمام أحمد روى المشهور والجيد والرديء، ثم هو قدر رد كثيرًا مما روى، ولم يقبل به، ولم يجعله مذهبًا له. أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ٢: مجهول؟!

١٠٠٥- ومن نظر في "كتاب العلل" الذي صنفه أبو بكر الخلال٣، رأى أحاديث كثيرة، كلها في "المسند"، وقد طعن فيها أحمد.

ونقلت من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء ٤ في مسألة النبيذ، قال: إنما روى أحمد في "مسنده" ما اشتهر، ولم يقصد الصحيح ولا السقيم ويدل


١ الحسن بن أحمد الهمذاني العطار "٤٨٨-٥٦٩هـ": حافظ متقن، ومقرئ فاضل رضي الطريقة.
٢ رواه أبو داود "٨٤"، والترمذي "٨٨"، وابن ماجه "٣٨٤"، وأحمد "١/٣٩٨" عن ابن مسعود رضي الله عنه.
٣ أحمد بن محمد "٢٣٤-٣١١هـ" الإمام الحافظ، وهو الذي جمع علم الإمام أحمد.
٤ البغدادي، ولي القضاء، وإليه انتهت رئاسة المذهب الحنبلي في عصره، له تصانيف هي عمدة المذهب "٣٨٠-٤٥٨هـ".

<<  <   >  >>