للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٧٠- فصل: متى وقع الترخص حمل إلى غيره

١٢٢٩- قدم علينا بعض فقهاء من بلاد الأعاجم، وكان قاضيًا ببلده، فرأيت على دابته الذهب، ومعه أتوار١ الفضة، وأشياء كثرة من المحرمات، فقلت: أي شيء أفاد هذا العلم؟! بلى والله، قد كثرت عليه الحجج.

وأكبر الأسباب قلة علم هؤلاء بسيرة السلف، وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم! لا أنهم يجهلون الجملة؛ ولكنهم يتشاغلون بعلم الخلاف، ويقصدون التقدم بقشور المعرفة، وليس٢ يعنيهم٣ سماع حديث، ولا نظر في سير السلف، ويخالطون السلاطين، فيحتاجون إلى التزيي بزيهم، وربما خطر لهم أن هذا قريب، وإن لم يخطر لهم، فالهوى غالب بلا ضاد، وربما خطر لهم أن [يقولوا] : هذا يحتمل ويغفر في جانب تشاغلنا بالعلم، ثم يرون العلماء يكرمونهم لنيل شيء من دنياهم، ولا ينكرون عليهم.

١٢٣٠- ولقد رأيت من الذين ينتسبون إلى العلم من يستصحب المردان، ويشتري المماليك، وما كان يغفل هذا إلا من قد يئس من الآخرة. ورأيت من قد


١ جمع تور: وهو إناء للشرب.
٢ في الأصل: ولا.
٣ في الأصل: قصدهم.

<<  <   >  >>