للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٠٨- فصل: من اضطر أن يعظ سلطانًا تلطّف معه

١٣٥١- ينبغي لمن وعظ سلطانًا أن يبالغ في التطلف، ولا يواجهه بما يقتضي أنه ظالم، فإن السلاطين حظهم التفرد بالقهر والغلبة؛ فإذا جرى نوع توبيخ لهم، كان إذلالًا، وهم لا يحتملون ذلك، وإنما ينبغي أن يمزج وعظه بذكر شرف الولاية، وحصول الثواب في رعاية الرعايا، وذكر سير العادلين من أسلافهم.

١٣٥٢- ثم لينظر الواعظ في حال الموعوظ قبل وعظه: فإن رأى سيرته حميدة -كما كان منصور بن عمار وغيره يعظون الرشيد١ وهو يبكي- وقصده الخير، زاد في وعظه ووصيته.

وإن رآه ظالمًا، لا يلتفت إلى الخير، وقد غلب عليه الجهل، اجتهد في ألا يراه ولا يعظه؛ لأنه إن وعظه، خاطر بنفسه، وإن مدحه، كان مداهنًا، فإن اضطر إلى موعظته، كانت كالإشارة٢.


١ هارون بن محمد بن المنصور العباسي "١٤٩-١٩٣هـ" أشهر الخلفاء العباسيين، كان عالمًا بالأدب والتاريخ والحديث والفقه، وكان يحج عامًا ويغزو عامًا على الأغلب.
٢ إن صدع بالحق وخاطر بنفسه فهو سيد الشهداء. قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر". وقال أيضًا: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" ومن هذا قصة الغلام وأصحاب الأخدود.

<<  <   >  >>