للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٣١- فصل: رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام

١٤٤٠- قد أشكل على بعض الناس رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: "من رآني في المنام، فقد رآني" ١؛ فقال: ظاهر الحديث أنه يراه حقيقة! وفي الناس من يراه شيخًا وشابًّا ومريضًا ومعافى! فالجواب: أنه من ظن أن جسد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المودع في المدينة خرج من القبر، وحضر في المكان الذي رآه فيه؛ فهذا جهل لا جهل يشبهه، فقد يراه في وقت واحد؟! وإنما الذي يرى مثاله لا شخصه، فيبقى "من رآني.. فقد رآني"، معناه: قد رأى مثالي، الذي يعرفه الصواب، وتحصل به الفائدة المطلوبة٢.

١٤٤١- فإن قيل: فما تقولون في رؤية الحق سبحانه؟! فتقول: يرى مثالًا لا مثلًا، والمثال لا يفتقر إلى المساواة والمشابهة، كما قال تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: ١٧] ، فضربه مثالًا للقرآن وانتفاع الخلق به.

ويوضح هذا أنه إنما يرى من رأى الحق سبحانه وتعالى على هيئة مخصوصة، والحق سبحانه وتعالى منزه، قد توحد، فوضح ما قلنا.


١ رواه البخاري "٦٩٩٣"، ومسلم "٢٢٦٦" عن أبي هريرة رضي الله عنه.
٢ قال ابن جزي في "القوانين الفقهية" ص "٣٧٩": لا تصح رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم قطعًا إلا لصحابي رآه حافظًا صفته، حتى يكون المثال الذي رآه في المنام مطابقًا لخلقته صلى الله عليه وسلم. انظر: العقل والفقه في فهم الحديث للأستاذ مصطفى الزرقا ص "١٧-٣٤ط". دار القلم.

<<  <   >  >>