للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن الحسين بن المعلى البلخي قال: سمعت يحيى بن معاذ يقول: يا بن آدم طلبت الدنيا طلب من لا بد له منها، وطلبت الآخرة طلب من لا حاجة له إليها، والدنيا قد كفيتها وإن لم تطلبها، والآخرة بالطلب منك تنالها فاعقل شأنك.

عبد الله بن سهل الرازي قال: سمعت يحيى بن معاذ يقول: مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب - وسمعته يقول: يا ابن آدم لا يزال دينك متمزقاً ما دام قلبك بحب الدنيا متعلقاً.

وسمعته يقول: وقيل له من أي شيء دوام غمك؟ قال: من شيء واحد قيل: ما هو؟ قال: خلقني ولا أدري لم خلقني.

وسمعته يقول: لا يفلح من شممت منه رائحة الرياسة.

وسمعته يقول: من سعادة المرء أن يكون خصمه فهماً وخصمي لا فهم له. قيل له: ومن خصمك؟ قال: نفسي تبيع الجنة بما فيها من النعيم المقيم بشهوة ساعة.

وسمعته يقول: للتائب فخر لا يعادله فخر، فرح الله بتوبته.

أبو العباس بن حكمويه الرازي قال: سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول: لا تستبطئ الإجابة إذا دعوت وقد سددت طرقاتها بالذنوب.

وسمعته يقول: إلهي إن كانت ذنوبي عظمت في جنب نهيك فإنها قد صغرت في جنب عفوك.

وسمعته يقول: لو سمع الخلق صوت النياحة على الدنيا في الغيب من ألسنة الفناء لتساقطت القلوب منهم حزناً، ولو رأت العقول بعيون الإيمان نزهة الجنة لذابت النفوس شوقاً، ولو أدركت القلوب كنه المحبة لخالقها لانخلعت مفاصلها ولهاً، ولطارت الأرواح إليه من أبدانها دهشاً، سبحان من أغفل الخليقة عن كنه هذه الأشياء، وألهاهم بالوصف عن حقائق هذه الأنباء.

الحسن بن علي قال: سمعت يحيى بن معاذ يقول: الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار نقي فلا تدنسه بآثامك.

عبد الله بن سهل قال: سمعت يحيى بن معاذ يقول: حفت الجنة بالمكاره وأنت تكرهها، وحفت النار بالشهوات وأنت تطلبها، فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء، إن صبر نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عافية وإن جزعت نفسه مما يلقى طالت به علة الضنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>