للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تتزوج بي. قلت: ألك والد؟ قالت: نعم، فلان الخياط في موضع كذا وكذا فراسلت أباها أن يزوجها مني ففرح بذلك وأحضرت الشهود فتزوجتها. فلما دخلت بها وجدتها عوراء عرجاء شوهاء الخلق. فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته لي. وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك وأزيدها براً وإكراماً إلى أن صارت بحيث لا تدعني أخرج من عندها. فتركت حضور المجالس إيثاراً لرضاها وحفظاً لقلبها. ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة وكأني في بعض أوقاتي على الجمر وأنا لا أبدي لها شيئاً من ذلك، إلى أن ماتت فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.

أبو عمرو بن حمدان قال: سمعت أبا عثمان الحيري يقول: من أمر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة لقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} النور: ٥٤.

قال ابن حمدان: وقرأت بخط أبي: سمعت أبا عثمان يقول: الخوف من الله يوصلك إليه، والعجب يقطعك عنه، واحتقار الناس في نفسك مرض لا يداوى.

وقال أبو عثمان: حق لمن أعزه الله بالمعرفة أن لا يذل نفسه بالمعصية.

أبو الحسين الوراق قال: سمعت أبا عثمان يقول، وقد سئل عن الصحبة، فقال: الصحبة مع الله عز وجل بحسن الأدب ودوام الهيبة والمراقبة، والصحبة مع الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنته، ولزوم ظاهر الحكم، والصحبة مع أولياء الله بالاحترام والخدمة، والصحبة مع الأهل والولد بحسن الخلق، والصحبة مع الإخوان بدوام البشر والانبساط ما لم يكن إثماً، والصحبة مع الجهال بالدعاء لهم والرحمة عليهم ورؤية نعمة الله عليك إذ عافاك مما ابتلاهم به.

محمد بن أحمد بن يوسف قال: سمعت أبا عثمان يقول: الذكر الكثير أن تذكر في ذكرك أنك لا تصل إلى ذكره إلا به وبفضله.

عبد الكريم بن هوران قال: سمعت أبا عثمان السلمي يقول: سمعت عبد الله بن محمد الشيرازي يقول: سمعت أبا عثمان يقول: منذ اربعين سنة ما أقامني الله تعالى في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته.

أبو عمرو بن مطر قال: حضرت مجلس أبي عثمان الخيري فخرج ثم قعد على موضعه

<<  <  ج: ص:  >  >>