للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقيم إلى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب

تزيد بلى في كل يوم وليلة ... وتسلى كما تبلى وأنت حبيب

أحمد بن أبي الحواري قال: حدثني محمد يحيى عن داود الطائي قال: ما أخرج الله عبداً من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر.

عن بكر بن محمد قال: قال لي داود الطائي: فر من الناس كما تفر من الأسد.

محمد بن عثمان الصيرفي قال: جاء أبو الربيع الأعرج إلى داود الطائي من واسط ليسمع منه شيئاً ويراه. فأقام على بابه ثلاثة أيام لا يصل اليد. قال: وكان إذا سمع الإقامة خرج فإذا سلم الإمام وثب فدخل منزله.

قال: فصليت في مسجد آخر ثم جئت فجلست على بابه فلما جاء ليدخل الدار قلت: ضيف رحمك الله. قال: إن كنت ضيفاً فادخل، فدخلت فأقمت عنده ثلاثة أيام لا يكلمني. فلما كان بعد ثلاث قلت: رحمك الله أتيتك من واسط وإني أحببت أن تزودني شيئاً. قال: صم الدنيا واجعل فطرك الموت. قلت: زدني رحمك الله. قال: فر من الناس فرارك من الأسد، غير طاعن عليهم، ولا تارك لجماعتهم. قال: فذهبت أستزيده فوثب إلى المحراب وقال: الله أكبر.

عن أبي الربيع الأعرج قال: أتيت داود الطائي، وكان لا يخرج من منزله حتى يقول: قد قامت الصلاة فيخرج فيصلي فإذا سلم الإمام أخذ نعله ودخل منزله. فلما طال ذلك علي أدركته يوماً فقلت: يا أبا سليمان على رسلك فوقف لي فقلت له أبا سليمان أوصني قال: اتق الله، وإن كان لك والدان فبرهما. ثم قال: ويحك صم الدنيا واجعل الفطر موتك، واجتنب الناس غير تارك لجماعتهم.

عبد الله بن إدريس قال: قلت لداود الطائي: أوصني. قال: أقلل من معرفة الناس. قلت: زدني. قال: ارض باليسير من الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا مع فساد الدين. قلت: زدني. قال: اجعل الدنيا كيوم صمته ثم أفطرت على الموت.

إسحاق بن منصور السلولي قال: دخلت أنا وصاحب لي على داود الطائي وهو على التراب، فقلت لصاحبي: هذا رجل زاهد. فقال داود: إنما الزاهد من قدر فترك، الوليد بن عقبة قال: كان يخبز لداود الطائي ستون رغيفاً يعلقها بشريط، يفطر كل ليلة على رغيفين بملح وماء. فأخذ ليلة فطره فجعل ينظر إليه. قال: ومولاة له سوداء تنظر إليه، فقامت فجاءته بشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>