للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفضيل القبورين للقبور على الكعبة]

...

أما قوله: إن قبر الولي أفضل من الحجر الأسود؛ فهذا من جنس ما قبله في الفساد والضلال. فالحجر الأسود يمين الله في أرضه، من صافحه واستلمه فكأنما بايع ربه١. تفضيل القبوريين للقبور على الكعبة. قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} ٢.

ولم يرد في قبور الأولياء ما يدل على مثل ذلك، فضلاً عن أن تكون أفضل منه، والحج ركن من أركان الإسلام، والطواف بالبيت أحد أركان الحج، /والركن/٣ الذي فيه الحجر الأسود، أفضل أركان البيت، والطواف به /من أفضل العبادات/٤ وأوجبها.


١ أصل هذا الكلام، حديث يرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حديث ضعيف مروي عن محمد بن المكندر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض، يصافح به عباده ". ذكره الهندي في "الكنز" (٣٤٧٤٤) ؛ والخطيب البغدادي ٦/٣٢٨؛ وابن الجوزي في"العلل المتناهية"، ٢/٨٥، وقال: "هذا حديث لا يصح، وإسحاق بن بشر قد كذبه ابن أبي شيبة".
وورد في "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس"، لإسماعيل بن محمد العجلوني (ت ١١٦٢هـ) ، مكتبة التراث الإسلامي، دار التراث، القاهرة ١/٤١٧. وفي "سلسلة الأحاديث الضعيفة"، ١/٢٧ (٢٢٣) ، قال الألباني: "ضعيف". وذكره شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى"، ٦/٣٩٧، ورده مرفوعاً، وارتضاه موقوفاً على ابن عباس فقال: "فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم" بإسناد لا يثبت، وإنما هو عن ابن عباس". وقال في "التدمرية"، ص٧٠: "مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس"، وإلى هذا الموقوف أشار الشيخ عبد اللطيف -رحمه الله-. انظر تفاصيل الكلام حول هذا الحديث: التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق محمد بن عودة السعوي، ط/١، ١٤٠٥هـ -١٩٨٥م، ص٧٠.
٢ سورة آل عمران: الآية (٩٦، ٩٧) .
٣ في (د) : (والأركان) .
٤ في (د) : (أفضل من العبادات) .

<<  <  ج: ص:  >  >>