للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما يعارض به ما أورده النبهاني مما فيه استغاثة والتجاء بغير الله تعالى]

اعلم أن ما ذكره النبهاني من الأحزاب ليس في جميعها ما يدل على ما زعمه، فقد ذكرنا أن بعضها مشتمل على توسل والتوسل غير الاستغاثة على ما حققه الشيخ، ومنها ما فيه صلوات وهي أيضاً من هذا القبيل، والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لها فوائد عظيمة ذكرها الحافظ ابن القيم في كتابه (جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام) ومنها ما فيه مقصده ولكن لا يحتج بقول أصحابها، وكل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم، وقد فصلنا الكلام في ذلك بعض التفصيل بحمد الله. ونحن نورد في هذا المقام ما نعارض به كلام هؤلاء الذي أورده النبهاني بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام المتبعين له:-

(أما القرآن الكريم) وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فأعظم مقاصده إفراد الإله سبحانه وتوحيده بخصائصه، فلا تجد سورة من السور إلا وهي منادية على وجوب توحيده وإفراده بالعبادة، وترى الأدعية والأذكار التي اشتمل عليها القرآن كلها خالصة لله كقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} ١ وكقوله: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ٢.

وهكذا أدعية نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، وموسى وعيسى، وغيرهم من الأنبياء والرسل كلهم، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وليس فيها التجاء إلى غيره، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، بل


١ سورة البقرة: ٢٨٦.
٢ سورة آل عمران: ١٩٣- ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>