للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العين، وهو أيضاً مما لم نعرفه عن أحد من السلف، ولا ذكره فقهاؤنا، وما هو إلا بدعة، ولا يعد فاعلها إلا ضحكة للعقلاء، وكون المزور حياً في قبره لا يستدعي الاستئذان في الدخول لزيارته، وكذا ما ذكره بعض الفقهاء من أنه ينبغي للزائر التأدب مع المزور كما يتأدب معه حيا كما لا يخفى.

قال: وقد رأيت بعد كتابتي هذا في (الجوهر المنظم في زيارة القبر المعظم) صلى الله تعالى على صاحبه وسلم لابن حجر المكي ما نصه: قال بعضهم: وينبغي أن يقف يعني الزائر بالباب وقفة لطيفة كالمستأذن في الدخول على العظماء، انتهى.

وفيه: أنه لا أصل لذلك، ولا حال ولا أدب يقتضيه، انتهى.

ومنه يعلم أنه إذا لم يشرع ذلك في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام فعدم مشروعيته في زيارة غيره من باب أولى، فاحفظ ذاك، والله تعالى يعصمنا من البدع وإياك.

وفيه أيضاً على قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} ١.

وقد رأينا كثيراً من الناس على نحو هذه الصفة التي وصف الله تعالى بها المشركين، يهشون لذكر أموات يستغيثون بهم، ويطلبه ن منهم، ويطربون من سماع حكايات كاذبة عنهم توافق هواهم واعتقادهم فيه، ويعظمون من يحكي لهم ذلك وينقبضون من ذكر الله تعالى وحده، ونسبة الاستقلال بالتصرف إليه عز وجل، وسرد ما يدل على مزيد عظمته وجلاله، وينفرون ممن يفعل ذلك كل النفرة وينسبونه إلى ما يكره.

وقلت يوماً لرجل يستغيث في شدة ببعض الأموات وينادي يا فلان أغثني- فقلت له: قل يا الله، فقد قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ


١ سورة الزمر: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>