للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلام على كتاب "جلاء العينين"]

...

خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله على العرش ويعلم أعمالكم١. وذكر هذا الكلام أو قريباً منه في كتاب "الاستذكار".

(ذكر قول الإمام مالك الصغير) أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني.

قال في خطبته برسالته المشهورة: باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات؛ من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان: أن الله إله واحد، لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا والد له، ولا صاحبة له، ولا شريك له، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، ولا يبلغ كنه صفته الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون، يعتبر المتفكرون بآياته ولا يتفكرون في ماهية ذاته: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ٢ وهو العليم الخبير، المدبر القدير، السميع البصير، العلي الكبير، وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو بكل مكان بعلمه.

وكذلك ذكر مثل هذا في نوادره وغيرها من كتبه.

وذكر في كتاب المفرد في السنة تقرير العلو واستواء الرب تعالى على عرشه بذاته أتم تقرير، فقال: ما اجتمعت عليه الأمة من أمور الديانة من السنن التي خلافها بدعة وضلالة؛ أن الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، لم يزل بجميع صفاته، وهو سبحانه موصوف بأنه له علماً وقدرة ومشيئة، أحاط علماً بجميع ما بدم قبل كونه، وفطر الأشياء بإرادته وقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ٣ وأن كلامه صفة من صفاته ليس بمخلوق فيبيد، ولا صفة لمخلوق فينفد، وأن الله عز وجل كلم موسى عليه الصلاة والسلام بذاته، وأسمعه كلامه لا كلاماً قام في غيره، وأنه يسمع ويرى، ويقبض ويبسط، وأن يديه مبسوطتان، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، وأن يديه غير نعمته في ذلك، وفي قوله سبحانه: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ


١ أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" (١/ ٢٤٢- ٢٤٤/ ١٤٩، ١٥٠) .
٢ سورة البقرة: ٢٥٥.
٣ سورة يس: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>