للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ترجمة هذا الأديب الأريب" ١

قد كتبت لهذا الفاضل ترجمة مفصلة في كتاب "بدائع الإنشاء" حيث أنه ممن جرت بيني وبينه مكاتبة من الأدباء، ومجمل ما قلت فيها: إن هذا الأديب كان على جانب عظيم من علو الهمة، وشرف النفس، ولين الجانب، ومعرفة الأدب، ورقة النثر، وجزالة الشعر، وذكاء الطبع، وسخاء الغريزة، وسرعة الفهم، وسرعة الذهن، وبعد النظر، وغور الفكر.

متيقظ الأفكار يدرك رأيه ... ما لم يكن بالظن والتخمين

من أسرة رغموا الأنوف وأصبحوا ... من أنف هذا المجد كالعرنين

قوم يصان من الخطوب نزيلهم ... ونوالهم بالبر غير مصون

اللابسون من الفخار ملابسا ... ومن الوقارسكينة بسكون

له خلق أرق من النسيم، وأعذب من التسنيم، لطيف المؤانسة، طيب المفاكهة، لا يمله جليسه، ولا يرغب عنه أنيسه.

ورأيت من أخلاقه بوجوده ... ما أبدع الخلاق بالتكوين

ولكن تجلى بالمسرة فانجلى ... صدأ الهموم بقلبي المحزون

حيث السعادة والرياسة والعلى ... تبدو بطلعة وجهه الميمون

وكانت له اليد الطولى باللغة العربية، كما كان سباق غايات بين فرسان اللغة التركية.

أقلامه افتخرت على سمر القنا ... فرأيت كل الفخر للأقلام

خط يسر الناظرين ولم يزل ... في العين أحسن من عذار غلام

وكأنما نظم النجوم قلائداً ... في الكتب مشرقة لدى الأيام

وله من الشعر نظم كثير، وبحر غزير، ومن شعره الرائق، ونظمه الفائق،


١ ترجم له المصنف في "المسك الأذفر" (ص ٢٢٤- ٢٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>