للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاضري الحرم وهم من دون مرحلتين منه واعتمر المتمتع في أشهر حج عامه ولم يعد لإحرام الحج إلى ميقات ووقت وجوب الدم عليه إحرامه بالحج والأفضل ذبحه يوم نحر فإن عجز بحرم صام قبل نحر ثلاثة أيام تسن قبل عرفة.

ــ

العمرة فإنه يستفيد به الوقوف والرمي والمبيت "وَأَفْضَلُهَا" أَيْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ " إفْرَادٌ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ اعْتَمَرَ عَامَهُ " فَلَوْ أُخِّرَتْ عَنْهُ الْعُمْرَةُ كَانَ الْإِفْرَادُ مَفْضُولًا لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ مكروه " ثم تمتع " أفضل من القرآن في أفضلية ما ذكر منشأ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفرد الحج ورويا أَنَّهُ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا وَرَجَحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا بَيَّنْته مَعَ فَوَائِدَ في شرح الروض وَأَمَّا تَرْجِيحُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْقِرَانِ فَلِأَنَّ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فِيهِ أَكْمَلُ مِنْهَا فِي الْقِرَانِ.

" وَعَلَى " كل من " المتمتع والقارن دم " قال تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ١ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ وَكُنَّ قَارِنَاتٍ " إنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ " لِقَوْلِهِ تعالى في المتمتع: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ٢ وَقِيسَ بِهِ الْقَارِنُ فَلَا دَمَ عَلَى حَاضِرِيهِ "وَهُمْ مِنْ" مَسَاكِنِهِمْ " دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ " أَيْ مِنْ الْحَرَمِ لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ إنَّهُ حَاضِرُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} ٣ أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الروض فَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِنْ الْآفَاقِيِّينَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي دُونِ المرحلتين من جاوز الميقات مريد النسك ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ وَلَا يَضُرُّ التَّقْيِيدُ بِالْمُرِيدِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مَفْهُومٌ بِالْمُوَافَقَةِ وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ كَمَا هُنَا قَوْله تَعَالَى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} ٤ وعبر في المحرر بدل الحرم بمكة قال الأسنوي والفتوى قرب دُخُولِ مَكَّةَ أَوْ عَقِبَ دُخُولِهَا لَزِمَهُ دَمُ التمتع لأنه ليس من الحاضرين عَلَى مَا فِيهِ فَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ ثُمَّ قَالَ وَأَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ مِنْ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ وَإِخْرَاجُ الْقَرِيبِ لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ وَعَطَفْت عَلَى مَدْخُولِ إنْ قَوْلِي " وَاعْتَمَرَ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَشْهُرِ حَجِّ عَامِهِ " فَلَوْ وَقَعَتْ الْعُمْرَةُ قَبْلَ أَشْهُرِهِ أَوْ فِيهَا وَالْحَجُّ فِي عَامَ قَابِلٍ فَلَا دَمَ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَأَتَى بِجَمِيعِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ حَجَّ " وَلَمْ يَعُدْ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى مِيقَاتٍ " وَلَوْ أَقْرَبَ لِمَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِهَا فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا دم لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ وَتَرَفُّهِهِ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِيقَاتِ.

" وَوَقْتِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ " إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ " لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلى الحج ووقت جواز بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَلَا يَتَأَقَّتُ ذَبْحُهُ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ بِوَقْتٍ " و " لكن " الأفضل ذبحه يوم


١ البقرة: ١٩٦.
٢ البقرة: ١٩٦.
٣ لأعراف: ١٦٣.
٤ التوبة: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>