للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب البغاة.

هم مخالفو إمام بتأويل باطل ظنا وشوكة لهم ويجب قتالهم وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَهُمْ قَوْمٌ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ كَبِيرَةٍ ويتركون الجماعات فلا يقاتلون ما لم يقاتلوا وهو في قبضتنا وإلا قوتلوا ولا يجب قتل القاتل منهم وتقبل شهادة بغاة وقضاؤهم فيما يقبل قضاؤنا إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا وَلَوْ كَتَبُوا بِحُكْمٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَنَا تنفيذه والحكم بها ويعتد بما استوفوه من عقوبة وخراج وزكاة وجزية وبما فرقوه من سهم المرتزقة على جندهم.

ــ

كِتَابُ الْبُغَاةِ.

جَمْعُ بَاغٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِمْ الحد والأصل فيه آية: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} ١ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ صَرِيحًا لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا أَوْ تَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْقِتَالَ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةِ فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْلَى.

" هُمْ " مُسْلِمُونَ " مُخَالِفُو إمَامٍ " وَلَوْ جَائِرًا بِإِنْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَتِهِ بِعَدَمِ انْقِيَادِهِمْ لَهُ أَوْ مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ كَزَكَاةٍ " بِتَأْوِيلٍ " لَهُمْ فِي ذَلِكَ " بَاطِلٍ ظَنًّا وَشَوْكَةً لَهُمْ " وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمُطَاعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَهُمْ " وَيَجِبُ قِتَالُهُمْ " لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي بَاطِلٍ ظَنًّا مِنْ زِيَادَتِي وَلَيْسُوا فَسَقَةً لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ بِاعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ كَتَأْوِيلِ الْخَارِجِينَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ لِمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ وَتَأْوِيلُ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ فُقِدَتْ فِيهِ الشروط المذكورة بأن خرجوا بلا تأويل كما نعي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ بِأَنْ كَانُوا أَفْرَادًا يَسْهُلُ الظَّفَرُ بِهِمْ أَوْ لَيْسَ فِيهِمْ مُطَاعٌ فَلَيْسُوا بُغَاةً لِانْتِفَاءِ حرمتهم فيترتب على أفعالهم مقتضاها على تفصيل في ذي الشوكة يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي حَتَّى لَوْ تَأَوَّلُوا بِلَا شَوْكَةٍ وَأَتْلَفُوا شَيْئًا ضَمِنُوهُ مُطْلَقًا كَقَاطِعِ طَرِيقٍ.

" وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَهُمْ قَوْمٌ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ كَبِيرَةٍ وَيَتْرُكُونَ الْجَمَاعَاتِ فَلَا يُقَاتَلُونَ " وَلَا يُفَسَّقُونَ " مَا لَمْ يُقَاتِلُوا " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَهُمْ فِي قَبْضَتِنَا " نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ حَتَّى يَزُولَ الضَّرَرُ " وَإِلَّا " بِأَنْ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَتِنَا " قُوتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ " وَإِنْ كَانُوا كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي شَهْرِ السِّلَاحِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَفِيهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ فَإِنْ قَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ فَلَا خِلَافَ " وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بُغَاةٍ " لِتَأْوِيلِهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ كَالْخَطَّابِيَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْبُغَاةِ كَمَا يُعْلَمُ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ " وَ " يُقْبَلُ " قَضَاؤُهُمْ فيما يقبل " فيه " قضاؤنا " لِذَلِكَ " إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا " وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا قَضَاؤُهُمْ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الشَّاهِدِ وَالْقَاضِي وَتَقْيِيدُ الْقَبُولِ بِعِلْمِ مَا ذُكِرَ مَعَ قَوْلِي وَأَمْوَالَنَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِمَا يَقْبَلُ فِيهِ قَضَاؤُنَا غَيْرَهُ كَأَنْ حَكَمُوا بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ أَوْ الْإِجْمَاعَ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَلَا يُقْبَلُ.

" وَلَوْ كَتَبُوا بِحُكْمٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَنَا تَنْفِيذُهُ " أَيْ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ أَمْضَى وَالْحَاكِمُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ " وَ " لَنَا " الْحُكْمُ بِهَا " أَيْ بِبَيِّنَتِهِمْ لِتَعَلُّقِهِ بِرَعَايَانَا نَعَمْ يُنْدَبُ لَنَا عَدَمُ التَّنْفِيذِ وَالْحُكْمِ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ " وَيُعْتَدُّ بِمَا اسْتَوْفَوْهُ من عقوبة " حد أو


١ سورة الحجرات الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>