للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب القضاء]

[تولية القضاء وآدابه]

...

كتاب القضاء.

توليه فرض كفاية فَمَنْ تَعَيَّنَ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُهُ وقبوله فيها أو كان أفضل سنا له أو مفضولا ولم يمتنع الأفضل كرها له أو مساويا فكذا إن اشتهر وكفى وإلا سنا له وشرط القاضي كونه أهلا للشهادات كافيا مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَبِالْقِيَاسِ وأنواعها وحال الرواة ولسان العرب وأقوال العلماء فإن فقد.

ــ

كتاب القضاء.

بِالْمَدِّ أَيْ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ١ وقوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} ٢ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهَا فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ وَمَا جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَنْ يكره له القضاء أو يحرم عليه مَا يَأْتِي.

" تَوَلِّيهِ " أَيْ الْقَضَاءِ " فَرْضُ كِفَايَةٍ " في حق الصالحين له في الناحية أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ لِأَحَدِهِمْ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ " فَمَنْ تَعَيَّنَ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُهُ " وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ أَوْ خَافَ مِنْ نَفْسِهِ الْمَيْلَ " وَ " لَزِمَهُ " قَبُولُهُ " إذَا وَلِيَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ " فِيهَا " أَيْ فِي نَاحِيَتِهِ فَلَا يَلْزَمَانِهِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لِمَا فيه من ترك الوطن بالكلية لأنه عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُحْوِجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ " أَوْ " لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا لَكِنَّهُ " كَانَ أَفْضَلَ " مِنْ غَيْرِهِ " سُنَّا " أَيْ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ " لَهُ " فِيهَا إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِي وَقَبُولُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

" أَوْ " كَانَ " مَفْضُولًا وَلَمْ يَمْتَنِعْ الْأَفْضَلُ " مِنْ الْقَبُولِ " كُرِهَا لَهُ " أَيْ لِلْمَفْضُولِ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: "لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ" فَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْقَبُولِ فَكَالْمَعْدُومِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " كَانَ " مُسَاوِيًا " لِغَيْرِهِ " فَكَذَا " أَيْ فَيُكْرَهَانِ لَهُ " إنْ اشْتَهَرَ " بِالِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ " وَكُفِيَ " بِغَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ امْتِنَاعُ السَّلَفِ " وَإِلَّا " بِأَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ أَوْ لم يكف بما ذكر " ستا لَهُ " لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيُكْفَى مِنْ بَيْتِ المال وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ بِعَزْلِ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ مَفْضُولًا وَتَبْطُلُ عَدَالَةُ الطَّالِبِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي " وَشَرْطُ الْقَاضِي كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ " بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا " كَافِيًا " لِأَمْرِ الْقَضَاءِ فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى وَفَاسِقٌ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَأَعْمَى وَأَخْرَسُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِنَقْصِهِمْ " مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ القرآن والسنة وبالقياس وَأَنْوَاعِهَا " فَمِنْ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ وَالنَّاسِخُ المنسوخ وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرُ وَالْآحَادُ وَالْمُتَّصِلُ وَغَيْرُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي وَالْأَدْوَنُ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ.

" وَحَالِ الرُّوَاةِ " قُوَّةً وَضَعْفًا فَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّصُّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُحْكَمُ عَلَى الْمُتَشَابِهِ والناسخ والمتصل والقوي على مقابلها " وَلِسَانِ الْعَرَبِ " لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً " وَأَقْوَالِ


١ سورة المائدة الآية: ٤٩.
٢ سورة المائدة الآية: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>