للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب أمهات الأولاد]

حبلت من حر أمته فَوَضَعَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَا فِيهِ غرة عتقت بموته كولدها بنكاح أو زنا بعد وضعها أو أمة غيره بذلك فالولد رقيق أو بشبهة فحر ولا تصير أم ولد وإن ملكها وله انتفاع بأم ولده وأرش جناية عليها وتزويجها جبرا ولا يصح تمليكها من غيرها ورهنها كولدها التابع لها وعتقهما من رأس المال والله أعلم.

ــ

كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فتح الميم وكسرها جَمْعُ أُمٍّ وَأَصْلُهَا أُمَّهَةٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ جَمْعُ أُمَّهَةٌ أَصْلُ أُمٍّ فَقَدْ تَسَمَّحَ وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا أُمَّاتٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ وَقَالَ آخرون يقال فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ وَالثَّانِي أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَيُمْكِنُ رَدُّ الأول إلى هَذَا وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ رواه ابن ماجه والحاكم وصحح إسْنَادُهُ وَخَبَرُ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ وَلَا يوهبن ولا يورثن يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَسَبَبُ عِتْقِهَا بِمَوْتِهِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَفِي رِوَايَةٍ بها أَيْ سَيِّدَهَا فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ.

لَوْ " حَبِلَتْ مِنْ حُرٍّ " كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا " أمته " ولو بلا وطء أَوْ بِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ " فَوَضَعَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَا فِيهِ غُرَّةٌ " وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ " عتقت بموته " ولو بقتلها له لِمَا مَرَّ " كَوَلَدِهَا " الْحَاصِلِ " بِنِكَاحٍ " رَقِيقًا " أَوْ زِنًا بَعْدَ وَضْعِهَا " فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَاصِلِ بشبهة وَقَدْ ظَنَّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَوْ أَمَتُهُ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ فَكَأَمَةٍ وَبِخِلَافِ الْحَاصِلِ بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا قَبْلَ الْوَضْعِ لِحُدُوثِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعْتَقْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَدُ الْمَرْهُونَةِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ بَعْدَ وَضْعِهَا وَقَبْلَ عَوْدِ ملكها إليه فِيمَا لَوْ أَوْلَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ عَادَ مِلْكُهَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَرْهُونَةِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَمِثْلُهَا الْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ وَفِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ خِلَافٌ رَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نُفُوذَ إيلَادِهِ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ أَوْجَهُ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ سَبَقَ عَنْ الْحَاوِي والغزالي النفوذ وخرج بزيادتي حر المكاتب فَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ أَمَتُهُ الَّتِي حَبِلَتْ مِنْهُ وَلَا وَلَدُهَا وَقَوْلِي حَبِلَتْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَحْبَلَهَا لِإِيهَامِهِ اعْتِبَارَ فِعْلِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ اسْتِدْخَالَهَا ذَكَرَهُ أَوْ مَنِيَّهُ الْمُحْتَرَمَ كَذَلِكَ كَمَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ " أَوْ " حَبِلَتْ مِنْهُ " أَمَةُ غَيْرِهِ بِذَلِكَ " أَيْ بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا " فَالْوَلَدُ " الْحَاصِلُ بِذَلِكَ " رَقِيقٌ " تَبَعًا لِأُمِّهِ " أَوْ بِشُبْهَةٍ " مِنْهُ كَأَنْ ظَنَّهَا وَلَوْ زَوْجًا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ " فَحُرٌّ " لِظَنِّهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهَا وكالشبهة نكاح أمة غر بحريتها كَمَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَلَوْ ظَنَّ بِالشُّبْهَةِ أَنَّ الْأَمَةَ زَوْجَتُهُ الْمَمْلُوكَةُ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ " وَلَا تَصِيرُ " مَنْ حَبِلَتْ مِنْ غَيْرِ مَالِكِهَا "أُمَّ وَلَدٍ" لَهُ " وَإِنْ مَلَكَهَا " لِانْتِفَاءِ الْعُلُوقِ بحر في ملكه " وله " أي للسيد " انتفاع بأم ولده " كَوَطْءٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ " وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا وَتَزْوِيجُهَا جبرا " وقيمتها إذا قتلت لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا كَالْمُدَبَّرَةِ.

" وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا مِنْ غَيْرِهَا " بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرٍ كُنَّا نَبِيعُ سرارينا أمهات الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا وَهُوَ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ غَيْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>