للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: في إبدال كل من الاسم والفعل والجملة من غيره]

يبدل كل من الاسم والفعل والجملة من مثله١؛ فالاسم كما تقدم، والفعل كقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ} ٢. والجملة كقوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} ٣.

وقد تبدل الجملة من المفرد؛ كقوله:


١ ويرى بعض النحاة جواز إبدال الفعل من اسم يشبهه، والعكس؛ كما جاز في العطف؛ تقول: محمد متق يخاف ربه، ومحمد يخاف ربه متق.
وقيل: إن هذا خبر بعد خبر.
٢ فالفعل "يُضَاعَفْ" بدل اشتمال من "يَلْقَ"؛ لأن لقي الآثام يستلزم مضاعفة العذاب. وقيل: بدل كل من كل؛ لأن مضاعفة العذاب هي لقي الآثام، ويشترط اتحاد الفعلين في الزمان دون النوع كما في العطف؛ فيجوز: إن جئتني تحسن إلي أكرمك. ولا يبدل الفعل من الفعل بدل بعض، ولا بدلًا مباينًا، وأجازهما بعض النحاة، ومثلوا للأول بقولهمك إن تصل تسجد لله يرحمك؛ فـ"تسجد" بدل بعض من "تصل"، وللثاني بنحو: إن تطعم الفقير تكسه تثب؛ فـ"تكسه" مباين من "تطعم"، والذي يدل على أن البد فيما سبق هو الفعل وحده، لا الجملة، مشاركة الفعل التابع لمتبوعه في نصبه أو جزمه؛ فهو من قبيل بدل المفرد، وفي بدل الفعل من الفعل يقول الناظم في إجمال:
ويبدل الفعل من الفعل كـ"من ... يصل إلينا يستعين بنا يعن"*
"فيستعين بنا" بدل اشتمال من "يصل إلينا".
٣ جملة "أَمَدَّكُمْ" الثانية بدل بعض من كل من "أَمَدَّكُمْ" الأولى لأنها أخص منها؛ لأن "مَا تَعْلَمُونَ" يشمل الأنعام وغيرها. من الآيتين ١٣٢، ١٣٣ من سورة الشعراء. وتبدل الجملة من الجملة بدل اشتمال كقوله:
أقول له أرحل لا تقيمن عندنا ... وإلا فكن في السر والجهر مسلماً
فجملة "لا تقيمن" بدل اشتمال من جملة "ارحل"؛ إذ يلزم من الرحيل عدم الإقامة.
أما إبدال الجملة من الجملة بدل كل؛ فمنعه البعض، وأجازه آخرون بشرط أن تكون الجملة الثانية أدل من الأولى على بيان المراد؛ نحو: اقطع عنقود العنب اقطعه.
ولا يحتاج هذا النوع من البدل إلى ضمير يعود على المبدل منه؛ لتعذر عودته على الفعل أو على الجملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>