للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب: الحكاية ١

حكاية الجمل مطردة بعد القول٢ نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} ٣، ويجوز حكايتها على المعنى٤؛ فتقول في حكاية "زيد قائم": "قال عمرو قائم زيد" فإن كانت الجملة ملحونة تَعيّن المعنى على الأصح٥. وحكاية المفرد في غير الاستفهام شاذة٦.


١ معناها لغة: المماثلة والمشابهة. أما في اصطلاح النحاة فهي: ذكر اللفظ المسموع وإعادة نطقه أو كتابته على هيئته، من غير تغيير شيء من حروفه أو حركاته أو إيراد صفته. وهي ثلاثة أنواع: حكاية جملة، وحكاية مفرد، وحكاية حال المفرد وصفته، وسيذكرها المصنف فيما يأتي على هذا الترتيب.
٢ المراد: القول وما تصرف منه؛ من فعل أو وصف بأنواعه، وكذلك تطرد بعد السماع، وبعد الكتابة، والقراءة، ولا تقع الحكاية بعد غير ذلك إلا سماعًا.
٣ هذا مثال للجملة الملفوظ بها بعد القول، ومثلها قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} ، {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} وغير ذلك مما حكيت فيه الجملة على ترتيب اللفظ.
٤ يراد بالمعنى: ما قابل لفظ المحكي عنه بهيئته وترتيبه، فيشمل تقديم بعض ألفاظ المحكي وتأخيرها، أو تغيير إعرابها.
٥ وذلك ابتعادًا عن اللحن، وصونا للسان، وينبه عليه لئلا يتوهم أن اللحن نشأ من الحاكي؛ فإذا قال شخص: "حضر محمد" بجر محمد، وأريد حكاية قوله، قيل: قال فلان: "حضر محمد" لكنه جر "محمدًا". ومثال حكاية الجملة المكتوبة: كتب "سلام عليكم بما صبرتم" وقول من قرأ خاتم النبي: قرأت على فصه: "محمد رسول الله" ويتضح من هذا أن حكاية الجملة تطرد بعد القول، وبعد السماع، وبعد الكتابة، وبعد القراءة، ولا تقع بعد غير ذلك إلا سماعا كقول الشاعر:
وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الناس بالركض المثار
٦ هذا هو النوع الثاني، وأكثر ما يكون في الأعلام، ومحل شذوذ حكاية المفرد إذا قصد معناه. فإن قصد لفظه؛ بأن كان الحكم للفظ دون المعنى فلا شذوذ كقوله, عليه السلام=

<<  <  ج: ص:  >  >>