للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: في عدم تصرف الفعلين وإمتناع تقديم معمولهما عليهما]

وكل من هذين الفعلين ممنوع التصرف١؛ فالأول نظير: تبارك، وعسى، وليس٢، والثاني نظير "هب" بمعنى اعتقد، و"تعلم" بمعنى أعلم٣. وعلة جمودهما: تضمنهما معنى حرف التعجب الذي كان يستحق الوضع٤.

مسألة: ولعدم تصرف هذين الفعلين، امتنع أن يتقدم عليهما معمولهما، وأن يفصل بينهما بغير ظرف، ولا مجرور؛ لا تقول: ما زيداً أحسن، ولا بزيد أحسن، وإن قيل: إن "بزيد" مفعول٥، وكذلك لا تقول: ما أحسن يا عبد الله زيداً٦، ولا أحسن لولا بخله


الشرط؛ بل المدار على وجود مطلق دليل يدل على المحذوف.
١- فكل من الصيغتين يلزم حالة واحدة، مع أن فعلهما الأصلي ثلاثي متصرف؛ ولكنهما يفقدان التصرف بسبب استعمالهما في التعجب، ولا يدلان على حدث ولا زمن؛ لأن الجملة التعجبية متجردة لحض الإنشاء المقصود منه التععجب، اللهم إلا إذا اشتملت على لفظة "كان" أو "يكون" أو غيرهما من الألفاظ التي تدل على زمن معين.
٢- أي في الجمود وملازمة المضي.
٣- أي في الجمود وملازمة صيغة الأمر.
٤- وأيضًا: فإن لزومها حالة واحدة أدل على التعجب؛ لأن التصرف والانتقال من حالة إلى أخرى، ربما يشعر بزوال المعنى الأول، وأجاز هشام الإتيان بمضارع "ما أفعله"؛ فتقول: ما يحسن محمدا؛ وهو قياس ولم يسمع. وفي عدم تصرف هذين الفعلين يقول الناظم:
وفي كلا الفعلين قد لزما ... منع تصرف بحكم حتما*
أي: ولزم منع تصرف في كلا الفعلين بحكم محتوم قدم؛ أي في الزمن القديم.
٥- كما هو رأي الفراء ومن وافقه، وقد تقدم.
٦- أي بالفصل بالمنادى بين أحسن ومعموله. وقد ورد في الفصيح ما يدل على جوازه؛ كقول علي -كرم الله وجهه- في عمار بن ياسر، وقد مر به وهو مقتول، فمسح التراب عن

<<  <  ج: ص:  >  >>