للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمجرد مدح أو ذم أو ترحم، وجب حذف المبتدأ والفعل (١)؛ كقولهم: الحمد لله الحميد، بالرفع فإضمار هو، وقوله تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب﴾، بالنصب (٢) بإضمار أذم. وإن كان لغير ذلك (٣)، جاز ذكره؛ تقول: مررت بزيد التاجر بالأوجه الثلاثة (٤). ولك أن تقول: هو التاجر، وأعني التاجر

"شعثا"، وقد روي مجرور أيضا، كما ذكر سيبويه.

(١) ليكون وجوب الحذف دليلا على قصد إنشاء المدح، أو الذم، أو الترحم.

(٢) أي: بنصب "حمالة" على أنه نعت مقطوع للذم، مفعول لمحذوف تقديره أذم. "وامرأته" مرفوع بالعطف على فاعل "يصلى" المستتر فيه. ومثال الترحم: اللهم الطف بعبدك المسكين. برفع المسكين ونصبه.

(٣) أي: لغير المدح والذم والترحم؛ بأن كان للتوضيح، أو التخصيص، أو التعميم، أو الإبهام، أو التفصيل … إلخ.

(٤) أي: بالجر على الإتباع، والرفع على الخبرية لمبتدأ محذوف، والنصب على المفعول بفعل محذوف أيضاً. وإذا قطع النت، خرج عن كونه نعتا، وكانت جملته مستأنفة مستقلة لا محل لها. وقد تسبقها الواو أحياناً، وتكون هذه الواو زائدة كما قدمنا. ويرى البعض: أن جملة النعت المقطوع إذا وقعت بعد معرفة محضة. كانت حالا، وإذا وقعت بعد نكرة محضة، كانت نعتا. وتصلح للأمرين إذا وقعت بعد نكرة مختصة. والرأي الأول أقوم وأفضل؛ لأن الجملة الثانية إنشائية للمدح أو للذم أو غيرها، والإنشائية لا تصلح نعتا إلا بتأويل، ولا تقع حالا.

الخلاصة:

أنك إذا أتبعت الأول، جاز لك في التالي: الإتباع، والقطع. وإذا قطعت الأول، وجب القطع في التالي؛ فإن قطعت الجميع، لم يلزم جعل التالي كالأول؛ بل يجوز التوافق والتخالف. وإلى حركة النعت المقطوع وعامله يشير الناظم بقوله:

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا … مبتدأ أو ناصباً لن يظهرا*

أي ارفع النعت المقطوع أو انصبه، فالرفع على إضمار مبتدأ خبره المقطوع، والنصب على تقدير عامل محذوف، والعامل في الحالتين لن يظهر؛ لأنه محذوف وجوبا، وقد فصل المصنف القول في ذلك.

هذا: ولا يجوز القطع إذا كان النعت للتوكيد؛ نحو أهلك الله عادا بصيحة واحدة؛ لأن القطع ينافي التوكيد. أو كان النعت من الألفاظ التي كثر استعمالها نعتا بعد كلمات معينة؛ نحو: جاءوا الجماء الغفير. أو كان نعتا لاسم الإشارة؛ مثل: إننا نقدر هذا النابغة.


* "وارفع أو انصب" معطوفان على ما قبل. "إن قطعت" شرط وفعله. وجواب الشرط محذوف. "مضمرا" حال من التاء في قطعت، وفيه ضمير هو فاعله. "مبتدأ" أو "ناصبا" معطوف على "مبتدأ". "لن يظهرا" ألف الاثنين فاعل، وهي عائد على "مبتدأ" و"ناصبا"، والجملة صفة لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>