للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نصيحة خالد]

فقال لهن خالد يا بنات العمالقة وبقية التبابعة قد فعلتن فعلا أرضيتن به الله تعالى والمسلمين وقد بقي لكن الذكر الجميل وهذه أبواب الجنة قد فتحت لكن وابواب النار قد أغلقت عنكن وفتحت لاعدائكن واعلمن إني أثق بكن فإن حملت طائفة من الروم عليكن فقاتلن عن أنفسكن وأن رايتن أحدا من المسلمين قد ولى هاربا فدونكن وإياه بالأعمدة وارمين بولده وقلن له اين تولى عن أهلك ومالك وولدك وحريمك فانكن ترضين بذلك الله تعالى فقالت عفراء بنت غفار: أيها الأمير والله لا يفرحنا إلا أن نموت أمامك فلنضربن وجوه الروم ولنقاتلن إلى أن لا تبقى لنا عين تطرف والله مانبالي إذا رمينا الروم كله قال فجزاهن خيرا ثم عاد إلى الصفوف فجعل يطوف بينهم بفرسه ويحرض الناس على القتال وهو ينادي برفيع صوته يا معاشر المسلمين انصروا الله ينصركم وقاتلوا في سبيل الله واحتسبوا نفوسكم في سبيل الله ولا تحملوا حتى آمركم بالحملة ولتكن السهام إذا خرجت من اكباد القسى كأنها من قوس واحدة فإذا تلاصقت السهام رشقا كالجراد لم يخل أن يكون منها سهم صائب: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠] واعلموا إنكم لم تلقوا بعد هذا عدوا مثله وأن هذه الفئة جملتهم وأبطالهم وملوكهم فجردوا السيوف وأوتروا القسى وفوقوا السهام ثم أن خالدا أقبل ووقف في القلب مع عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر قيس بن هبيرة ورافع بن عميرة وذى الكلاع الحميري وربيعة بن عامر ونظائرهم قال فلما نظر ودان إلى جيش المسلمين قد زحف زحفوا وكانوا ملء تلك الأرض في الطول والعرض من كثرتهم فترامى الجمعان وتلاقى الفريقان وقد اظهر أعداء الله الصلبان والأعلام ورفع المسلمون اصواتهم بالتهليل والتكبير والصلاة والسلام على البشير النذير.

فلما قرب القوم بعضهم من بعض خرج من علوج الروم شيخ كبير وعليه قلنسوة سوداء فلما قرب من المسلمين نادى بلسان عربي أيكم المقدم فليخاطبني وليخرج الي وعليه أمان قال فخرج إليه خالد بن الوليد فقال له القس: أنت أمير القوم فقال خالد: كذلك يزعمون ما دمت على طاعة الله وسنة رسوله وأن أنا غيرت أو بدلت فلا امارة لي عليهم ولا طاعة قال القس بهذا نصرتم علينا ثم قال اعلم إنك توسطت بلادا ما جسر ملك من الملوك أن يتعرض لها ولا يدخلها وأن الفرس دخلوها ورجعوا خائبين وأن التبابعة أتوها وأفنوا أنفسهم عليها وما بلغوا ما أرادوا ولكنكم أنتم نصرتم علينا وأن النصر لا يدوم لكم وصاحبي وردان قد اشفق عليكم وقد بعثني إليكم وقال إنه يعطي كل واحد منكم دينار وثوبا وعمامة ولك أنت مائة دينار ومائة ثوب ومائة عمامة وارحل عنا بجيشكم فإن جيشنا على عدد الذر ولا تظن أن هؤلاء مثل من لقيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>