للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استدباره، الطعن في ثغر النحور أكرم منه في الأعجاز والظهور، يا آل بكر، قاتلوا فما للمنايا من بد".

ومن كلمات الوفود: كلمة قبيصة بن نعيم في وفد بني أسد، حين قدموا على امرئ القيس بعد مقتل أبيه، فيروى أنه وفد على امرئ القيس، بعد مقتل أبيه، رجالات من بني أسد، كهول وشبان، وفيهم عبيد بن الأبرص الشاعر، والمهاجر بن خداش، وقبيصة بن نعيم، فلما علم امرؤ القيس بمكانهم، أمر بإنزالهم، وتقدم في إفضالهم، والإكرام عليهم، واحتجب عنهم ثلاثًا، فقالوا لمن يباريه من رجال كندة: ما بال الرجل لا يخرج إلينا؟ فقال: هو في شغل بإخراج ما في خزائن حجر من العدة والسلاح، فقالوا: اللهم غفرًا! إنما قدمنا عليه في أمر نتناسى به ذكر ما فات، ونستدرك ما فرط. فليبلغ ذلك عنا. فخرج عليهم في قباء٩، وخف، وعمامة سوداء، وكانت العرب لا تعتم بالسواد إلا في الترات١٠.

فلما رأوه نهضوا، وبدر قبيصة فقال: إنك في المحل والقدر، والمعرفة بتصرف الدهر، وما تحدثه أيامه، وتنتقل به أحواله، بحيث لا تحتاج إلى تبصير واعظ، ولا تذكرة مجرب. ولك من سؤدد منصبك، وشرف أعراقك، وكرم أصلك في العرب محتمل يحتمل ما حمل عليه من إقالة العثرة، والرجوع عن الهفوة، ولا تتجاوز الهمم إلى غاية إلا رجعت إليك، فوجدت عندك من فضيلة الرأي، وبصيرة الفهم، وكرم الصفح، ما يطول رغباتها، ويستغرق طلباتها؛ وقد كان الذي كان من الخطب الجليل. الذي عمت رزيته نزارًا واليمن، ولم تخصص به كندة دوننا؛ للشرف البارع الذي كان لحجر: التاج والعمة فوق الجبين الكريم، وإخاء الحمد، وطيب الشيم ولو كان هالك يفدى بالأنفس الباقية بعده لما بخلت كرائمنا على مثله ببذل ذلك، ولفديناه منه. ولكن مضى به سبيل لا ترجع أولاه على آخره ولا يلحق أقصاه أدناه، فأحمد الحالات في ذلك أن تعرف الواجب عليك في إحدى خلال ثلاث: إما أن اخترت من بني أسد أشرفها بيتًا، وأعلاها في بناء المكرمات صوتًا، فقدناه إليك بنسعة١١تذهب١٢مع شفرات حسامك بباقي قصرته١٣: فيقال: رجل امتحن بهلك


٩القباء: جلباب له أكمام.
١٠ الترات: جمع ترة وهي المصيبة.
١١النسعة: سير من الجلد يوضع في أنف الجمل لإذلاله، المراد قدناه إليك ذليلًا مصغرًا كما يأتي البعير الذليل.
١٢ تذهب أي أنت.
١٣القصرة: عظام العنق.

<<  <   >  >>