للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سجع الكهان]

وكانت الكهانة موجودة عند العرب في الجاهلية، وكان للكهان قداسة دينية، ونفوذ كبير، إذ كانوا يوهمون العامة بأنهم يعرفون الغيب عن طريق ما يتلقون من الجن، وكان الناس يتجهون إليهم يحكمونهم في المنازعات. والمنافرات. ويستشيرونهم في أمورهم وبخاصة المستقبلة. ويقصون عليهم أحلامهم لكي يفسروها لهم. وأحيانا كان الكهان ينذرون بعض القوم بأحداث تقع لهم.

ولم تكن الكهانة مقصورة على الرجال، بل كان هناك نساء كاهنات كذلك. ومن أشهر الكهان: شق أنمار.وتحكي الأساطير عن خلقته أنه كان شق إنسان له عين واحدة. ويد واحدة ورجل واحدة. ومنهم سطيح الذئبي: ويقولون عنه إنه لم يكن فيه عظم سوى جمجمته؛ وأن وجهه كان في صدره؛ ولم يكن له عنق. ومنهم المأمور الحارثي: كاهن بني الحارث بن كعب، وعزى سلمة. ومن أشهر الكاهنات: طريفة الكاهنة: وكانت باليمن وفاطمة الخثعمية: وكانت بمكة، والزرقاء بنت زهير، وزبراء كاهنة بني رئام.

وكان الكهان في أحاديثهم يعمدون غالبًا إلى سجع مصطنع، فيه غموض وإبهام، وكأنما كانوا يقصدون زيادة التأثير في السامعين، وإلهاءهم عن التتبع لما يلقى إليهم من الأخبار التي كانت في منتهى الغرابة والعجب.

ومما ورد لهم١٨ ما يروى أن حجرا أبا امرئ القيس رق لبني أسد، فبعث في أثرهم؛ فأقبلوا حتى إذا كان على مسيرة يوم من تهامة تكهن كاهنهم وهو عوف بن ربيعة فقال لبني أسد: "يا عبادي! قالوا: لبيك ربنا، قال: من الملك الأصهب، الغلاب غير


١٨ الأغاني جـ٩ ص٨٤.

<<  <   >  >>