للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما ذُكر من أن ابن مسعود رضي الله عنه خطب بالكوفة فقال: "أما بعد: فإن الله قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وإني غال مصحفي، فمن استطاع منكم أن يغل مصحفه فليفعل" (١).

فإني لم أقف على إسناده، وأقدم من ذكره ابن العربي المتوفى سنة (٥٤٣) هـ، وبينه وبين الحادثة ما يزيد على خمسة قرون.

وهل يتوقع حصول ذلك ممن ترك القصر في منى خشية من الخلاف والفتنة ومتابعة للخليفة؟ لا والله، لا يتوقع منه أن يصعد المنبر، ويحرض الناس على الخلاف.

مع أن القصر في منى عليه أدلة واضحة، تؤيد مذهب ابن مسعود فيه، بخلاف جمع القرآن فإنَّ الصحابة أجمعوا عليه، فهل يعقل أن يتابع ابن مسعود عثمان رضي الله عنهما فيما يدل على خلافه دليل واضح خشية الخلاف، ثم يخالفه فيما أجمع عليه إخوانه الصحابة رضوان الله عليهم بل ويحرض الناس على الخلاف بواسطة منبر الكوفة، وهو القائل: "إن الخلاف شر". فما أوهن هذه القصة، وما أحمق من لفقها.

وأما حرق أو خرق ما سوى مصحف عثمان رضي الله عنه، فإنه


(١) العواصم من القواصم (٨٤، وانظر المسند لأحمد (١/ ٤١٤) والمصاحف لابن أبي داود، طبعة العلمية (ص: ٢١ - ٢٣) فقد روي فيهما أن ابن مسعود قال ذلك، وليس في الرواية أنه خطب به في الكوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>