للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٩ ـ افتقار العبد إلى اللَّه وحاجته إلى دعائه

إنَّ من فضائل الدعاء ودلائل عِظم شأنه أنَّ الله تبارك وتعالى يُحبُّه من عباده مع كمالِ غِناه عنهم، ووعدَ الدَّاعين له من عباده بالإجابة، وذلك في قوله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ١. وهذا من لُطف الله بعباده وعظيم إكرامه لهم وإحسانه بهم، فهو سبحانه لا يُخيِّب عبداً دعاه، ولا يرُدُّ مؤمناً ناجاه، يقول الله تعالى كما في الحديث القدسي: " يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلاَّ مَن هديتُه، فاستهدوني أهدِكم، يا عبادي كلُّكم جائعٌ إلاَّ مَن أطعمته، فاستطعِموني أطعمكم، يا عبادي كلُّكم عارٍ إلاَّ من كسوتُه، فاستكسوني أكسُكم، يا عبادي إنَّكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ... "، وقال فيه: " يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجنَّكم قاموا على صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ واحد مسألتَه ما نقصَ ذلك مِمَّا عندي إلاَّ كما ينقص المِخيَطُ إذا أُدخل البحر "، رواه مسلم في سياق طويل من حديث أبي ذر رضي الله عنه٢.

وفي الحديث دلالةٌ على أنَّ اللهَ يحبُّ أن يسأله العبادُ جميعَ مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه


١ سورة غافر، الآية: (٦٠) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٢٥٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>