للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨/ ذمُّ الغفلة عن ذكرِ الله

إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أمر بذكره في القرآن الكريم، وحثَّ عليه ورغّب فيه في آيٍ كثيرةٍ منه، حذّر أيضا من الوقوع في ضدّه وهو الغفلة، إذ لا يتمُّ الذِّكرُ لله حقيقةً إلاّ بالتخلُّص من الغفلة والبعد عنها، وقد جمع الله بين هذين الأمرين في آية واحدة من القرآن ـ أعني الأمر بالذِّكر والنهي عن الغفلة ـ وذلك في قوله تعالى من آخر سورة الأعراف: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} ١.

والمراد بقوله في الآية {وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} أي: من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فإنهم حُرِموا خيري الدنيا والآخرة، وأعرضوا عن مَن كلُّ السعادة والفَوز في ذكره وعبوديّته، وأقبلوا على مَن كلُّ الشقاوة والخيبة في الاشتغال به، وفي الآية أمرٌ بالذكر والمواظبة عليه وتحذيرٌ من الغفلة عنه، وتحذيرٌ من سبيل الغافلين.

والغفلةُ داءٌ خطير إذا اعترى الإنسان وتمكّن منه لم يشتغل بطاعة الله وذكره وعبادته، بل يشتغل بالأمور الملهية المبعدة عن ذكر الله، وإن عمل أعمالاً من الطّاعة والعبادة فإنّها تأتي منه على حال سيِّئة ووضع غير حسن، فتكون أعماله عاريةً من الخشوع والخضوع والإنابة والطُمأنينة والخشية والصّدق والإخلاص.

ولهذا جاء في القرآن الكريم في مواطن كثيرة منه التحذيرُ منها


١ سورة الأعراف، الآية: (٢٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>