للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٢ ـ رفع الأيدي إلى الله من دلائل عُلُوِّه

لقد كان الحديثُ فيما مضى عن دلالات رفع الأيدي في الدعاء إلى الله وما يتضمَّنه ذلك من الإقرار بتوحيد الله وتعظيمه، والإيمان بعلوِّه على خلقه، وغِناه الكامل عنهم، وافتقارهم إليه من جميع الوجوه، وقد مضى الإشارةُ إلى أنَّ هذا أمرٌ ـ أعني الإيمان بعُلُوِّه ـ يجده الناسُ في فطرهم صغيرُهم وكبيرُهم، عالِمهم وجاهلُهم.

يقول الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتاب التوحيد: " وكما هو مفهوم في فطَر المسلمين علماؤهم وجهالهم، وأحرارهم ومماليكهم، وذكرانهم وإناثهم، بالِغيهم وأطفالهم، كلُّ من دعا الله ـ جلَّ وعلاَ ـ فإنَّما يرفع رأسه إلى السماء ويمدُّ يديه إلى الله تعالى إلى أعلاه لا إلى الأسفل "١.

ويقول الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة رحمه الله: " ولو أنَّ هؤلاء ـ أي من ينكرون علوَّ الله ـ رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه، لَعلموا أنَّ الله تعالى هو العلي وهو الأعلى، والأيدي ترفع بالدعاء إليه، والأممُ كلّها عربُها وعجمُها تقول إنَّ الله في السماء ما تركت على فطرها "٢. اهـ.

فالإيمان بعلوّ الله على خلقه مستقرٌّ في الفطر السليمة، ثابتٌ في


١ التوحيد لابن خزيمة (١/٢٥٤) .
٢ تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص:١٨٣) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>