للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدعاة لولاة امر المسلمين]

...

١٠٣ ـ الدعاء لولاة أمر المسلمين

إنَّ الدعاءَ بالخيرِ والمغفرةِ لعموم المسلمين له شأنٌ عظيمٌ، ويترتَّبُ عليه أجورٌ كثيرة، وخيرات متنوِّعة في الدنيا والآخرة، وهو من مقتضيات أخوَّة الإيمان التي تجمعهم وتربطهم، وقد سبق ذكرُ بعضِ الأدلَّة على ذلك، أمَّا الحديث هنا فسيكون خاصًّا بالدعاء لولاة أمر المسلمين الذين بهم ـ بتوفيقٍ من الله ـ تنتظم مصالحهم، وتجتمع كلمتهم، وتؤمن سبلهم، وتُقام صلاتُهم، ويُجاهد عدوهم، وبدونهم تتعطَّل الأحكام، وتعمُّ الفوضى، ويختلُّ الأمنُ، ويكثر السلبُ والنهبُ وأنواع الاعتداء، وينثلمُ صرحُ الإسلام، ولا يأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " يجب أن يُعرف أنَّ ولايةَ أمر الناسِ من أعظمِ واجبات الدِّينِ، بل لا قيام للدِّين إلاَّ بها، فإنَّ بني آدم لا تتمُّ مصلحتُهم إلاَّ بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بدَّ لهم عند الاجتماع من رأس ... ـ إلى أن قال ـ: ولأنَّ اللهَ تعالى أوجب الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكرِ، ولا يتمُّ ذلك إلاَّ بقوَّةٍ وإمارةٍ، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحجِّ والجُمَع والأعيادِ ونصر المظلومِ وإقامة الحدود لا تتمُّ إلاَّ بالقوَّة والإمارة ... ـ إلى أن قال ـ: فالواجبُ اتِّخاذُ الإمارةِ ديناً وقُربةً يُتقرَّبُ بها إلى الله، فإنَّ التقرُّبَ إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات "١.


١ السياسة الشرعية (ص:١٦١ ـ ١٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>