للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٦ ـ التوبةُ من الذنوب بين يدي الدعاء

سبقت الإشارةُ إلى أنَّ من آداب الدعاء العظيمة أن يُقدِّم الداعي بين يدي دعائه التوبةَ إلى الله عزَّ وجلَّ من كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ، فإنَّ تراكمَ الذنوب واجتماعها قد يكون سبباً من أسباب عدم إجابة الدعاء، كما أنَّ التوبةَ والإقبالَ على الله والصدقَ معه سببٌ من أسباب القبول والإجابة؛ ولهذا قال يحيى بنُ معاذ الرازيُّ رحمه الله: " لا تستبطئ الأجابةَ إذا دعوت وقد سَدَدتَ طرقَها بالذنوب "١.

فالذنوب لها عواقب وخيمة ونتائجُ أليمة في الدنيا والآخرة، فهي تُزيل النِّعم وتحلُّ النِّقم، فما زالت عن العبد نعمةٌ إلاَّ بذنب، ولا حلَّت به نقمة إلاَّ بذنب، كما قال عليُّ بنُ أبي طالب رضي الله عنه: " ما نزل بلاءٌ إلاَّ بذنب، ولا رُفع إلاَّ بتوبة "٢، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} ٣، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} ٤، فأخبر سبحانه أنَّه لا يُغيِّر نعمه التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يُغيِّر ما بنفسه، فيُغيِّر طاعةَ الله بمعصيته، وشكرَه بكفره، وأسبابَ رضاه بأسباب سخطه، فإذا غيَّرَ غُيِّر عليه جزاء وفاقاً.


١ رواه البيهقي في شعب الإيمان (٢/٥٤) .
٢ ذكره ابن القيم في الجواب الكافي (ص:٨٥) .
٣ سورة الشورى، الآية: (٣٠) .
٤ سورة الأنفال، الآية: (٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>