للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٥ / ومن أَذْكَار طَرَفَيِ النَّهَارِ

إنَّ مِن الأذكار العظيمة والأوراد المباركة التي كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَحُثُّ أصحابَه على تعلُّمِها والمحافظة عليها كلَّ صباح ومساء ما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المخرَّجِ في سنن الترمذي وسنن أبي داود وغيرهما أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يُعَلِّم أصحابه، يقول: "إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ، وَإِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ المَصِيرُ"١.

فهذا دعاءٌ نبَوِيٌّ عظيمٌ، وذِكرٌ مُبَارَكٌ، يَجدُرُ بالمسلم أن يُحافظَ عليه كلَّ صباح ومساء، ويتأمَّلَ في معانيه الجليلة ودلالاته العظيمة، وكيف أنَّه قد اشتمل على تَذكير المسلم بعظيم فَضلِ الله عليه وواسِعِ مَنِّه وإكرَامِه، فنَوْمُ الإنسانِ ويقظَتُه، وحركتُه وسكونُه، وقيامُه وقعودُه إنَّما هو بالله عز وجل، فما شاء الله كان، وما لَم يشأ لَم يكن، ولا حولَ ولا قوةَ إلاَّ بالله العظيم.

وقوله في الحديث: "بك أصبحنا" أي: بنعمتك وإعانتك وإمدادِك أصبحنا أي أدركنا الصباح، وهكذا المعنى في قوله "وبك أمسينا".

وقوله: "وبك نَحيا وبك نموت" أي حالُنا مُستَمرٌّ على هذا في جميع الأوقات وسائر الأحوال، في حركاتنا كلِّها وشؤوننا جَميعها، فإنَّما نحن بك، أنت المعين وحدَك، وأَزِمَّةُ الأمور كلّها بيدك، ولا غِنَى لنا عنك طَرْفَة عَيْن، وفي هذا من الاعتماد على الله واللُّجوء إليه والاعتراف بِمَنِّه وفَضله ما يُحقِّقُ للمرء إيمانَه ويُقوِّي يقينَه ويُعْظِمُ صِلتَه بربِّه سبحانه.


١ سنن الترمذي (رقم:٣٣٩١) وسنن أبي داود (رقم:٥٠٦٨) ، وحسَّنه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:٣٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>