للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أنَّ فيه توسلاً إليه بإحسانه وإنعامه، أي: يا رب قد هَديتَ من عبادك بشراً كثيراً فضلاً منك وإحساناً فأحسن إليَّ كما أحسنتَ إليهم واهدني كما هَدَيتَهم.

الثالثة: أنَّ ما حصل لأولئك من الهدى لَم يكن منهم ولا بأنفسهم وإنَّما كان منك فأنت الذي هَدَيتَهم.

وقوله: "وعافنِي فيمَن عافيت" فيه سؤالُ الله العافية المطلقة وهي العافية من الكفر والفسوق والعصيان والغفلة والأمراض والأسقام والفتن، وفعل ما لا يحبُّه وترك ما يحبه، فهذه حقيقةُ العافية، ولهذا ما سُئل الرَّبُّ شيئاً أحبَّ إليه من العافية، لأنَّها كلمةٌ جامعةٌ للتخلُّص من الشَّرِّ كلِّه وأسبابه، ومِمَّا يدل على هذا ما رواه البخاري في الأدب المفرد وغيرُه عن شَكَل بن حُميد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله! علِّمني دعاءً أنتفعُ به، قال: "قل اللَّهمَّ عافنِي من شَرِّ سَمعي وبصري ولساني وقلبِي وشَرِّ مَنِيِّي"١.

فهي دعوةٌ جامعةٌ وشاملةٌ للوقاية من الشرور كلِّها في الدنيا والآخرة، وفي الأدب المفرد وغيره عن العباس عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: قلت يا رسول الله! علِّمنِي شيئاً أسأل الله به، فقال: "يا عباس! سلِ اللهَ العافيةَ، ثمَّ مكثتُ قليلاً ثم جئت فقلت: علِّمني شيئاً أسأل اللهَ به يا رسول الله! فقال: يا عباس! يا عمَّ رسول الله! سَلِ اللهَ العافيةَ في الدنيا والآخرة"٢.


١ الأدب المفرد (رقم:٦٦٣) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الأدب المفرد (رقم:٥١٥) .
٢ الأدب المفرد (رقم:٧٢٦) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الأدب المفرد (رقم:٥٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>