للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "وتولَّنِي فيمَن تولَّيتَ" فيه سؤالُ الله التَّوَلِّي الكامل الذي يقتضي التوفيقَ والإعانةَ والنصرَ والتسديدَ والإبعادَ عن كلِّ ما يغضب الله، ومنه قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} ١، وقوله: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} ٢، وقوله: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ٣، وقوله: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} ٤، وهي ولايةٌ خاصة بهم تقتضي حفظهم ونصرهم وتأييدهم ومعونتهم ووقايتهم من الشرور، ويدلُّ على هذا قولُه في هذا الدعاء: "إنَّه لا يَذلُّ من واليت" أي أنَّه منصورٌ عزيزٌ غالب بسبب توليك له، وفي هذا تنبيه على أنَّ مَن حَصَل له ذلٌّ في الناس فهو بنقصان ما فاته من تولي الله، وإلاَّ فمع الولاية الكاملة ينتفي الذُّلُّ كلُّه، ولو سلط عليه من في أقطار الأرض فهو العزيز غير الذليل.

وقوله: "وبارك لي فيما أعطيت" البركةُ هي الخير الكثير الثابت، ففي هذا سؤال الله البركة في كلِّ ما أعطاه من علم أو مال أو ولد أو مسكن أو غير ذلك؛ بأن يثبِّتَه له ويوسِّعَ له فيه، ويحفظه ويسلمَه من الآفات.

وقوله: "وقني شر ما قضيت" أي شرَّ الذي قضيتَه، فإنَّ الله تعالى قد يقضي بالشر لحكمة بالغة، والشرُّ واقعٌ في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، فإنَّ فعلَه وخلقَه خيرٌ كلُّه، وهذا الدعاء يتضمن سؤال الله الوقاية من الشرور والسلامة من الآفات والحفظ عن البلايا والفتن.


١ سورة: البقرة، الآية (٢٥٦) .
٢ سورة: الأعراف، الآية (١٩٦) .
٣ سورة: آل عمران، الآية (٦٨) .
٤ سورة: الجاثية، الآية (١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>